وليس في زماننا هذا ولا من شرط بلدنا خاصة شيء من هذا كله، إلا ما لا يعد قلة؛ فالواجب اجتنابه، إلا ما كان حقيقة، لا سيما إذا كان المادح من سكان بلد الممدوح: يراه في أكثر أوقاته، فما أقبح ذكر الناقة والفلاة حينئذ!.
وقد قلت أنا وإن لم أدخل في جملة من تقدم، ولا بلغت خطته من قصيدة اعتذرت بها إلى مولانا خلد الله أيامه من طول غيبة غبتها عن الديوان:
إليك يخاض البحر فعماً كأنه ... بأمواجه جيش إلى البر زاحف
ويبعث خلف النجح كل منيفة ... تريك يداها كيف تطوى التنائف
من الموجفات اللاء يقذفن بالحصى ... ويرمى بهن المهمه المتقاذف
يطير اللغام الجعد عنها كأنه ... من القطن أو ثلج الشتاء ندائف
وقد نازعت فضل الزمام ابن نكبة ... هو السيف لا ما أخلصته المشارف
فكيف تراني لو أعنت على الغنى ... بجد، وإني للغنى لمشارف
وقد قرب الله المسافة بيننا ... وأنجزني الوعد الزمان المساوف
ولولا شقائي لم أغب عنك ساعة ... ولا رام صرفي عن جنابك صارف
ولكنني أخطأت رشدي فلم أصب ... وقد يخطئ الرشد الفتى وهو عارف
فذكرت قرب المسافة بيني وبينه حوطة وإخباراً أن خوض البحر وجوب الفلاة من صفة غيري من القصاد والغرباء والمنتجعين من الأمصار.