فأشار إلى هيئة الضربة التي أصابه بها دون ذكرها إشارة لطيفة دلت على كيفيتها، وإنما وصف أنهم ضربوا عنقه، ويروي بين الجيد ومثله قول الآخر:
ويوم يبيل النساء الدماء ... جعلت رداءك فيه خمارا
يريد بالرداء الحسام كما قال متمم بن نويرة:
لقد كفن المنهال تحت ردائه ... فتى غير مبطان العشيات أروعا
وقوله إنه جعله خماراً أي قنعت به الفرسان، وأشار بقوله يبيل النساء الدماء إلى وضع الحوامل من شدة الفزع.
ومما جاء في الإشارة على معنى التشبيه قول الراجز يصف لبناً ممذوقاً وجاء بمذق هل رأيت الذئب قط فإنما أشار إلى تشبيه لونه؛ لأن الماء غلب عليه فصار كلون الذئب.
ومن أنواع الإشارة التفخيم فكقول الله تعالى: " القارعة ما القارعة " وقد قال كعب بن سعد الغنوي:
أخي ما أخي لا فاحش عند بيته ... ولا ورع عند اللقاء هيوب
وأما الإيماء فكقول الله عز وجل: " فغشيهم من اليم ما غشيهم " فأومأ إليه وترك التفسير معه.. وقال كثير:
تجافيت عني حين لا لي حيلة ... وخلفت ما خلفت بين الجوانح
فقوله وخلفت ما خلفت إيماء مليح.. ومثله قول ابن ذريح:
أقول إذا نفسي من الوجد أصعدت ... بها زفرة تعتادني هي ما هيا
ومن أنواع التعريض: كقول كعب بن زهير لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
في فتية من قريش قال قائلهم ... ببطن مكة لما أسلموا زولوا
فعرض بعمر بن الخطاب وقيل: بأبي بكر رضي الله عنهما، وقيل: برسول الله صلى الله عليه وسلم تعريض مدح، ثم قال: