وحقيقة المجانسة عند الرماني المناسبة بمعنى الأصل، نحو قول أبي تمام: في حده الحد بين الجد واللعب قال: لأن معناهما جميعاً أبلغ، وأما قولك قرب واقترب، والطلوع والمطلع، وما شاكل هذا؛ فهو عنده من تصرف اللفظ، ولا يعده تجنيساً، ومن تصرف المعنى عنده قولك: عين الميزان، وعين الإنسان، وعين الماء، ونحو ذلك.. ومن التصرف في اللفظ والمعنى جميعاً قولك: الضرب والمضاربة والاستضراب، وما أشبه ذلك، كل هذه الأنواع عنده من باب التصرف.
وما أكثر ما يستعمل هذا النوع بعض شعراء وقتنا المذكورين، ويظن أنه قد أتى بشيء من غرائب التجنيس.
وأما قول دعبل في امرأته سلمى:
أحبك حباً لو تضمنه سلمى ... سميك ذاك الشاهق الرأس
فقد جنس من غير جنس؛ لأن قوله سميك دال على مراده.
ومثله قول آخر:
ضيعتي مثل اسمها العا ... م وداري مسترمه
أنشده الرماني.. وقال الآخر، وهو أبو تمام:
إذ لا صدوق ولا كنود اسماهما ... كالمعنيين ولا النوار نوارا
المراد صدر البيت لا عجزه.
وإذا دخل التجنيس نفي عد طباقاً، وكذلك الطباق يصير بالنفي تجنيساً، وسأفرد لهما باباً إن شاء الله تعالى فيما بعد