للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال صاحب الكتاب: هذا أحسن قول سمعته في المطابقة من غيره، وأجمعه لفائدة، وهو مشتمل على أقوال الفريقين وقدامة جميعاً، وأما قول الخليل إذا جمعت بينهما على حذو واحد ألصقتهما فهو مساواة المقدار من غير زيادة ولا نقصان كما قال الرماني، يشهد بذلك قول لبيد:

تعاورن الحديث وطبقنه ... كما طبقت بالنعل المثالا

ومنه طبقت المفصل أي: أصبته فلم أزد في العضو شيئاً ولم أنقص منه.. وكذلك قول الأصمعي " أصلها من وضع الرجل موضع اليد في مشي ذوات الأربع هو مساواة المقدار أيضاً؛ لأن من ذوات الأربع ما تجاوز رجله موضع يده، ومنها ما يطابق كما قال خلقة، وربما كان طباقها من ثقل تحكله أو شكيمة تمنعها أو شيئاً تتقيه على أنفسها، ولذلك شبه النابغة الجعدي مشي الخيل بوطء الكلاب الهراس، وهو حطام الشوك؛ فهي لا تضع أرجلها إلا حيث رفعت منه أيديها طلباً للسلامة.

وأما قول قدامة في المطابق هو ما اشترك في لفظة واحدة بعينها فإنه أيضاً مساواة لفظٍ للفظ، وهي أعني المساواة على رأي الخليل والأصمعي مساواة معنى لمعنى، وقد يكون المراد أيضاً مطابقة الفظ للمعنى، أي: موافقته، ألا ترى أنهم يقولون: فلان يطابق فلان على كذا إذا وافقه عليه وساعده فيه؛ فيكون مذهب قدامى أن اللفظ وافقت معنى، ثم وافقت بعينها معنى آخر، ويصح هذا أيضاً في قول الخليل في الطباق إنه جمعك بين الشيئين على حذو واحد فيكون الشيئان للمعنيين، والحذو الواحد: اللفظة.

ومن مليح ما رأيته في المطابقة قول كثير بن عبد الرحمن يصف عيناً

وعن نجلاء تدمع في بياض ... إذا دمعت، وتنظر في سواد

<<  <  ج: ص:  >  >>