وإني لأغنى الناس عن متكلف ... يرى الناس ضلالاً وليس بمهتدي
كأنه قال وهو ضال فجانس في الباطن، وإن كان قد طابق في الظاهر. ومن هذا الباب قولك فاعل ومفعول، نحو خالق ومخلوق وطالب ومطلوب هما ضدان في المعنى، وإن تجانسا في اللفظ، وكذلك ما كان اسم الفاعل منه مفعل والمفعول مفعل نحو مكرم ومكرم ومعط ومعطى وما جرى هذا المجرى أو زاد عليه في البناء، وأما قولك قضيت واقتضيت فظاهره تجنيس وباطنه طباق، إلا أنه غير محض، وكذلك قولك أخذت وأعطيت؛ لأن الأخذ ضده الترك، والإعطاء ضد المنع، فهذا مما يظنه من لا يحسن طباقاً وليس كما ظن، ولكنه كثر جداً في الكلام، واستعمله الناس، كما تقدم من قولنا في الحلم والجهل والجمال والقبح.
ومما ظاهره تجنيس وباطنه طباق الوعد والوعيد كما قال الشاعر:
وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
وأول ما يعتد به في هذا الباب قول امرئ القيس:
فإن تدفنوا الداء لا نخفه ... وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
ويروى فإن تكتموا الداء لا نخفه وقوله لا نخفه أي: لنبده من