يا ربيع، فقال: والله لما تسومني أنت من الخسف أشد علي مما عضهني به الغلام، فحجبه بعد ذلك، وسقطت منزلته، وأراد الاعتذار، فقال النعمان:
قد قيل ما قيل إن حقاً وإن كذبا ... فما اعتذارك من قول إذا قيلا؟؟
وبنو العجلان، كانوا يفخرون بهذا الاسم لقصة كانت لصاحبه في تعجيل قرى الأضياف، إلى أن هجاهم به النجاشي فضجروا منه، وسبوا به، واستعدوا عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقالوا: يا أمير المؤمنين هجانا، فقال: وما قال؟ فأنشدوه:
إذا الله عادى أهل لؤم ورقة ... فعادى بني عجلان رهط ابن مقبل
فقال عمر بن الخطاب: إنما دعا عليكم ولعله لا يجاب، فقالوا: إنه قال:
قبيلة لا يغدرون بذمة ... ولا يظلمون الناس حبة خردل
فقال عمر رضي الله عنه: ليتني من هؤلاء، أو قال: ليت آل الخطاب كذلك، أو كلاماً يشبه هذا، قالوا: فإنه قال:
ولا يردون الماء إلا عشية ... إذا صدر الوراد عن كل منهل
فقال عمر: ذلك أقل للسكاك، يعني الزحام، قالوا: فإنه قال:
تعاف الكلاب الضاريات لحومهم ... وتأكل من كعب بن عوف ونهشل
فقال عمر: كفى ضياعاً من تأكل الكلاب لحمه، قالوا: فإنه قال:
وما سمي العجلان إلا لقولهم ... خذ القعب واحلب أيها العبد واعجل
فقال عمر: كلنا عبد، وخير القوم خادمهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين هجانا، فقال: ما أسمع ذلك، فقالوا: فاسأل حسان بن ثابت، فسأله فقال: ما هجاهم ولكن سلح عليهم، وكان عمر رضي الله عنه أبصر الناس بما قال النجاشي، ولكن أراد أن يدرأ الحد بالشبهات، فلما قال حسان ما قال سجن النجاشي، وقيل: إنه حده.
وهذه جملة كافية، ونبذة مقنعة، فيما قصدت إليه من هذا الباب.