فرميت غفلة قلبه عن شاته ... فأصبت حبة قلبها وطحالها
لأن تكرير القلب عنده حشو لا فائدة فيه، وهذا تعسف من الحاتمي لأن قلبه غير قلبها، فإنما كرر اللفظ دون المعنى، ورأيت روايته في أكثر النسخ " حبة قلبه وطحالها " وهو غلط، ومن ههنا عابه فيما أظن، ومن الناس من روى " فرميت غفلة عينه عن شاته " وهي رواية مشهورة صحيحة.
ونعوا على أبي العيال الهذلي قوله:
ذكرت أخي فعاودني ... صداع الرأس والوصب
لأن صداع الرأس من أدواء الرأس خاصة، فليس الذكر الرأس معه معنى، وعلى جميل قوله:
وما ذكرتك النفس يا بثن مرة ... من الدهر إلا كادت النفس تتلف
فتكرير النفس لبس له وجه ههنا، وللتكرير موضع يحسن فيه، وسيرد إن شاء الله في بابه.
ومن الحشو نوع سماه قدامة التفضيل بالفاء وزعم قوم أنه بالعين كأنهم يجعلونه اعوجاجاً من قولهم: ناب أعصل، وجعله آخرون بالعين وضاد معجمة، كأن عندهم من: تعضل الولد، إذا عسر خروجه واعترض في الرحم، وظاهر البيت الذي أنشده قدامة يدل على أنه التفصيل بالفاء وهو قول دريد بن الصمة:
وبلغ نميراً إن عرضت ابن عامر ... وأي أخ في النائبات وطالب
ويجري هذا المجرى قول أبي الطيب، بل هو اقبح منه:
حملت إليه من لساني حديقة ... سقاها الحيا سقي الرياض السحائب
لأن التفرقة بين النعت والمنعوت أسهل من التفرقة بين المضاف والمضاف إليه، وهما بمنزلة اسم واحد، فإذا شئت أن تجعل بيت ابن الخطيم " حين صورها الخالق " من هذا النوع جاز لك؛ فيكون التقدير قضى لها الله الخالق حين صورها.