وأنشدني بعض أصحابنا هذه الأبيات على طريق الاستملاح لها والاستظراف بها، وقال: هذا الذي يعجز الناس عنه، فقلت: فما بال عباس وأبي نواس لم يقولا بعد البيت الأول:
ونسي الحمد فما ... مرت له على خلد
ولا سيما وقد كان ذلك حقيقة، وكذلك جرت الحكاية، فقال: ولمن البيت؟ فقلت: لابن وقته.
واشتاق التمليط من أحد شيئين: أولهما أن يكون من الملاطين، وهما جانباً السنام في مرد الكتفين، قال جرير:
ظللن حوالي خدر أسماء، وانتحى ... بأسماء موار الملاطين أروح
فكأن كل قسيم ملاط، أي: جانب من البيت، وهما عند ابن السكيت العضدان. والآخر وهو الأجود أن يكون اشتقاقه من الملاط وهو الطين يدخل في البناء يملط به الحائط ملطاً، أي: يدخل بين اللبن حتى يصير شيئاً واحداً. وأما الملط وهو الذي لا يبالي ما صنع والأملط الذي لا شعر عليه في جسده؛ فليس لاشتقاقه منهما وجه.