جمع الفضائل والمحامد والعلا ... خلق لعمر أبيك غير تخلق
وأصل معنى قول أبي الطيب من قول بشار:
ليس يعطيك للرجاء وللخو ... ف ولكن يلذ طعم العطاء
وقال البحتري في نحو ذلك:
لا يتعب النائل المبذول همته ... وكيف يتعب عين الناظر النظر؟!
وكان أبو الطيب لقدرته واتساعه في المعاني كثيراً ما يخالف الشعراء ويغاير مذاهبهم، ألا ترى إلى قول علي بن العباس النوبختي وهو في رواية الجرجاني لابن الرومي يصف القلم ويفضله على السيف، وكتب بذلك إلى علي بن مقلة في قصيدة:
إن يخدم القلم السيف الذي خضعت ... له الرقاب ودانت خوفه الأمم
كذا قضى الله للأقلام مذ بريت ... أن السيوف لها مذ أرهفت خدم
فالموت والموت لا شيء يعادله ... ما زال يتبع ما يجري به القلم
وهذا كلام متقن البنية، صحيح المعنى، لا مطعن فيه، فجاء أبو الطيب فخالفه وذهب مذهباً آخر يشهد بصحته العيان، ويصححه البرهان، فقال:
حتى رجعت وأقلامي قوائل لي: ... المجد للسيف ليس المجد للقلم
اكتب بذا أبداً قبل الكتاب بها ... فإنما نحن للأسياف كالخدم
ومن التغاير قول الفرزدق يصف إبله ويفخر:
ألم تسمعا يا بني حكيم حنينها ... إلى السيف تستبكي إذا لم تعقر