للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن جيد الافتخار قول بكر بن النطاح الحنفي:

ومن يفتقر منا يعش بحسامه ... ومن يفتقر من سائر الناس يسأل

ونحن وصفنا دون كل قبيلة ... ببأس شديد في الكتاب المنزل

وإنا لنلهو بالحروب كما لهت ... فتاة بعقد أو سخاب قرنفل

يعني قول الله عز وجل: " قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد " فدعوا في خلافة أبي بكر إلى قتال أهل الردة من بني حنيفة، وبسبب هذا الشعر وأشباهه طلبه الرشيد طلبٍ، وقال:

كيف يفتخر على مضر ومنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خير البشر؟ فهذا افتخار بالشجاعة خاصة.

وممن افتخر بالكثرة أوس بن مغراء قال:

ما تطلع الشمس إلا عند أولنا ... ولا تغيب إلا عند أخرانا

وقد أنكر قدامة أن يمدح الإنسان بآبائه دون أن يكون ممدوحاً بنفسه؛ لأن كثيراً من الناس لا يكونون كآبائهم، والذي ذهب إليه حسن.

وأنكر الجرجاني على أبي الطيب قوله:

ما بقومي شرفت بل شرفوا بي ... وبنفسي فخرت لا بجدودي

وإنما أخذه من قول علي بن جبلة حيث يقول:

وما سودت عجلاً مآثر غيرهم ... ولكن بهم سادت على غيرهم عجل

قال: وهذا معنى سوء يقصر بالممدوح، ويغض من حسبه، ويحقر من شأن سلفه، وإنما طريفة المدح يشرف بآبائه، والآباء تزداد شرفاً به؛ فجعل لكل واحد منهم حظاً في الفخر وفي المدح نصيباً، وإذا حصلت الحقائق كان النصيبان مقسومين، بل كان الكل خالصاً لكل فريق منهم؛ لأن شرف الوالد جزء من ميراثه، ومنتقل إلى ولده كانتقال ماله، فإن رعى وحرس ثبت

<<  <  ج: ص:  >  >>