وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاءل، ولا يتطير، ويحب الاسم الحسن، وقال:" ثلاثة لا يسلم منهن أحد: الطيرة، والظن، والحسد " قيل له: فما المخرج منهن يا رسول الله؟ قال:" إذا تطيرت فلا ترجع، وإذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فلا تبغ ".
ومن مليح ما وقع في التفاؤل ما حكى محمد بن الجراح، وذلك أن أبا الشمقمق شخص مع خالد بن يزيد بن مزيد، وقد تقلد الموصل، فلما مر ببعض الدروب اندق اللواء، فاغتم خالد لذلك وتطير منه، فقال أبو الشمقمق:
ما كان مندق اللواء لطيرةٍ ... تخشى، ولا سوء يكون معجلا
لكن هذا العود أضعف متنه ... صغر الولاية فاستقل الموصلا
فسري عن خالد، وكتب صاحب البريد بخبر ذلك إلى المأمون، فزاده ديار ربيعة، وأعطى خالد أبا الشمقمق عشرة آلاف درهم.
وبغى جماعة من الكتاب على موسى بن عبد الملك، فأمر المتوكل بحبسه، قال: فرأيت في النوم قائلاً يقول:
أبشر فقد جاءت السعود ... أباد أعداءك المبيد
لم يظفروا بالذي أرادوا ... بل يفعل الله ما يريد
ووقف المتوكل منهم على أمر أوجب إيقاعه بهم، وأمر بإطلاقي وإعادتي إلى أشرف رتبة.
ولا بد من ذكر ما يتطير منه في باب غير هذا.
وقال قيس المجنون:
قضاها لغيري وابتلاني بحبها ... فهلا بشيء غير ليلى ابتلانيا
فما مات حتى برص، ورأى في منامه قائلاً يقول له: هذا ما تمنيت. ويقال: إن المؤمل بن أميل لما قال: