للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جدث على الأهواز يبعد دونه ... مسرى النعي، ورمة بالموصل

فالذي بالموصل أبو تمام حبيب لا شك لأنه مات بها وهو يتولى البريد للحسن بن وهب، وكان يعنى به كثيراً، والآخر دعبل، ورأيت من يرويه:

شلو بأعلى عقر قوف تلفه ... هوج الرياح، ورمة بالموصل

والأول أعرف وأشبه بالصواب.

ووالبة بن الحباب: ذكر أن الرشيد أو غيره سأل من القائل:

ولها ولا ذنب لها ... حب كأطراف الرماح

في القلب يجرح دائباً ... فالقلب مكلوم النواح

فقال له بعض من حضر من العلماء: ذلك والبة بن الحباب يا أمير المؤمنين، وأين تذهب عن معرفته؟ والله ما رأيت أرق منه شعراً، ولا أطيب نادرة، ولا أكثر رواية، ولا أجزل معرفة بأيام العرب منه، فقال: لم يمنعني منه إلا بيتا شعر قالهما وهما:

قلت لساقينا على خلوة ... أدن كذا رأسك من رأسيا

ونم على وجهك لي ساعة ... إني امرؤ أنكح جلاسيا

أتحب أن ينكحنا لا أم لك؟ قال: فغسلت أثوابي عرقاً من شدة الحياء.

ويزيد ابن أم الحكم الثقفي: عهد له الحجاج على فارس، فأتاه يودعه، فقال له: أنشدني، وقدر أنه يمدحه، فأنشده:

وأبى الذي سلب ابن كسرى راية ... بيضاء تخفق كالعقاب الطائر

فاسترد العهد منه، وقال لحاجبه: إذا رده عليك فقل له: أورثك أبوك مثل هذا؟ فقال له الحاجب ذلك، فقال يزيد: قل للحجاج:

وورثت جدي مجده وفعاله ... وورثت جدك أعنزاً بالطائف

وبمثل هذا السبب غضب سليمان بن عبد الملك على الفرزدق، وذلك أنه استنشده لينشده فيه أو في أبيه، فأنشده مفتخراً عليه:

<<  <  ج: ص:  >  >>