فصاح: وا غوثاه، يا لله، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ذلك إنما يصف ماعون بيته؛ لأنه ابن الخلفاء، وأنا أي شيء أصف؟ ولكن انظروا إذا وصفت ما أعرف أين يقع الناس كلهم مني؟ هل قال أحد قط أملح من قولي في قوس الغمام:
وقد نشرت أيدي السحاب مطارفاً ... على الأرض دكناً وهي خضر على الأرض
يطرزها قوس الغمام بأصفر ... على أحمر في أخضر وسط مبيض
كأذيال خود أقبلت في غلائل ... مصبغة والبعض أقصر من بعض
وقولي في قصيدة في صفة الرقاقة:
ما أنس لا أنس خبازاً مررت به ... يدحو الرقاقة وشك اللمح بالبصر
ما بين رؤيتها في كفة كرة ... وبين رؤيتها زهراء كالقمر
إلا بمقدار ما تنداح دائرة ... في صفحة الماء يرمى فيه بالحجر
وهذا كلام إن صح عن ابن الرومي فلا أظن ذلك أمراً لزمه في الدرك؛ لأن جميع ما أراه ابن المعتز أبوه وجده في ديارهم كما ذكر أن ذلك علة للإجادة وعذر فقد رآه ابن الرومي هنالك أيضاً، اللهم إلا أن يريد أن ابن المعتز ملك قد شغل نفسه بالتشبيه فهو ينظر ماعون بيته وأثاثه فيشبه به ما أراد، وأنا مشغول بالتصرف في الشعر طالباً به الرزق: أمدح هذا مرة، وأهجو هذا كرة، وأعاتب هذا تارة، وأستعطف هذا طوراً، ولا يمكن أن يقع أيضاً عندي تحت هذا، وفي شعره أيضاً من مليح التشبيه ما دونه النهايات التي لا تبلغ، وإن لم يكن التشبيه غالباً عليه كابن المعتز.
ولم أدل بهذا البسط كله على أن العرب خلت من المعاني جملة، ولا أنها