وإما من الطير، وهو الأصل والمختار من الوجهين، هكذا ذكر الزجاجي.
وكانت العرب تزجر الطير والوحش؛ فمن قال بالقول الأول احتج بأن الوحش يطير بها، وزجرت مع الطير، ومن قال بالقول الثاني قال: إنما الأصل في الطير، ثم صار في الوحش، وقد يجوز أن يغلب أحد الشيئين على الآخر فيذكر دونه ويرادان جميعاً.
أنشد الجاحظ:
ما يعيف اليوم في الطير دوح ... من غراب البين أو تيسٍ برح
قال: فجعل التيس من الطير؛ إذ قدم ذكر الطير وجعله من الطير في معنى التطير، والعرب تتطير بأشياء كثيرة: منها العطاس، وسبب تطيرهم منه دابة يقال له العاطوس يكرهونها، والغراب أعظم ما يتطيرون به، والقول فيه أكثر من أن يطلب عليه شاهد، ويسمونه حاتماً؛ لأنه يحتم عندهم بالفراق، ويسمونه الأعور على جهة التطير بذلك؛ إذ كان أصح الطير بصراً، ويقال: سمي أعور لقولهم: " عورات الرجل عن حاجته " إذا