فتلك وحشية، وكذلك إن وقعت غير موقعها، وأتى بها مع ما ينافرها، ولا يلائم شكلها.
وكان أبو تمام يأتي بالوحشي الخشن كثيراً ويتكلف.
وكذلك أبو الطيب كان يأتي بالمستغرب ليدل على معرفته، نحو قوله: كل آخائه كرام بني الدنيا ولكنه كريم كرام وهذا مع غرابته وتكلفه غير محمول على ضرورة يكون فيها عذر؛ لأن قوله كل إخوانه يقوم مقامه بلا بغاضة.
ومن التكلف قول إبراهيم بن سيار للفضل بن الربيع، ويروى أيضاً لإبراهيم بن شبابة:
هبني ظلمت وما ظلمت بل ظلم ... ت أقر كي يزداد طولك طولا
إن كان جرمي قد أحاط بحرمتي ... فأحط بجرمي عفوك المأمولا
فتبارك الله كأنهما لم يخرجا من ينبوع واحد.
قال إبراهيم بن المهدي لعبد الله بن صاعد كاتبه: إياك وتتبع الوحشي من الكلام طمعاً في نيل البلاغة؛ فإن ذلك هو العي الأكبر، عليك بما سهل مع تجنبك ألفاظ السفل.
وقال أبو تمام يمدح الحسن بن وهب بالبلاغة:
لم يتبع شنع اللغات، ولا مشى ... رسف المقيد في طريق المنطق
ينشق في ظلم المعاني إن دجت ... منه تباشير الكلام المفلق
وقال علي بن بسام:
ولا خير في اللفظ الكريه استماعه ... ولا في قبيح اللحن والقصد أزين
قال علي بن عيسى الرماني: أسباب الإشكال ثلاثة: التغيير عن الأغلب كالتقديم والتأخير وما أشبهه، وسلوك الطريق الأبعد، وإيقاع المشترك، وكل