ذهب الزمان برهط حسان الأولى ... كانت مناقبهم حديث الغابر
وبقيت في خلف يحل ضيوفهم ... منهم بمنزلة اللئيم الغادر
سود الوجوه لئيمة أحسابهم ... فطس الأنوف من الطراز الآخر
وقد عاب ابن وكيع هذا النوع بقلة تمييز منه أو غفلة عظيمة.
وأما الموارد فقد ادعاها قوم في بيت امرئ القيس وطرفة، ولا أظن هذا مما يصح؛ لأن طرفة في زمان عمرو بن هند شاب حول العشرين، وكان امرؤ القيس في زمان المنذر الأكبر كهلاً واسمه وشعره أشهر من الشمس؛ فكيف يكون هذا مواردة؟ إلا أنهم ذكروا أن طرفة لم يثبت له البيت، حتى استحلف أنه لم يسمعه قط فحلف، وإذا صح هذا كان مواردة، وإن لم يكونا في عصر، وسئل أبو عمرو بن العلاء: أرأيت الشاعرين يتفقان في المعنى ويتواردان في اللفظ لم يلق واحد منهما صاحبه ولم يسمع شعره؟ قال: تلك عقول رجال توافت على ألسنتها، وسئل أبو الطيب عن مثل ذلك فقال: الشعر جادة، وربما وقع الحافر على موضع الحافر.
وألما الالتقاط والتلفيق فمثل قول يزيد بن الطثرية:
إذا ما رآني مقبلاً غض طرفه ... كأن شعاع الشمس دوني مقابله
فأوله من قول جميل:
إذا ما رأوني طالعاً من ثنية ... يقولون: من هذا؟ وقد عرفوني