ومما قصر فيه الآخذ عن المأخوذ منه قول أبي دهبل الجمحي في معنى بيت الشماخ:
يا ناق سيري واشرقي ... بدم إذا جئت المغيره
سيثيبني أخرى سوا ... ك، وتلك لي منه يسيره
فأنت ترى أين بلغت همته؟؟ ومما يعد سرقاً وليس بسرق اشتراك اللفظ المتعارف كقول عنترة:
وخيل قد دلفت لها بخيل ... عليها الأسد تهتصر اهتصارا
وقول عمرو بن معدي كرب:
وخيل قد دلفت لها بخيل ... تحية بينهم ضرب وجيع
وقول الخنساء ترثي أخاها صخراً:
وخيل قد دلفت لها بخيل ... فدارت بين كبشيها رحاها
ومثله:
وخيل قد دلفت لها بخيل ... ترى فرسانها مثل الأسود
وأمثال هذا كثير.
وكانوا يقضون في السرقات أن الشاعرين إذا ركبا معنى كان أولاهما به أقدمهما موتاً، وأعلاهما سناً، فإن جمعهما عصر واحد كان ملحقاً بأولاهما بالإحسان، وإن كانا في مرتبة واحدة لهما جميعاً، وإنما هذا فيما سوى المختص الذي حازه قائله، واقتطعه صاحبه، ألا ترى أن الأعشى سبق إلى قوله:
وفي كل عام أنت جاشم غزوة ... تشد لأقصاها عزيم عزائكا
موروثة مجداً، وفي الأصل رفعة ... لما ضاع فيها من قروء نسائكا