الأوربيين إلى الحروب الصليبية. وتأتي مع هذا الواقع الرئيسي دوافع أخرى فرعية نلحظها في بحوث المستشرقين وميادين عملهم.
١- الدافع الديني التبشيري:
إن الدافع الأول للاستشراق عند الغربيين -كما رأينا- هو الدافع الديني، فقد بدأه الرهبان الذين كان يهمهم أن يطعنوا في الإسلام ويحرفوا حقائقه؛ ليثبتوا لجماهيرهم التي تخضع لزعامتهم الدينية أن الإسلام -وقد كان يومئذ الخصم الوحيد للمسيحية في نظر الغربيين- دين لا يستحق الانتشار، وأن المسلمين قوم همج لصوص وسفاكو دماء، يحثهم دينهم على الملذات الجسدية ويبعدهم عن كل سمو روحي وخلقي، ثم اشتدت حاجتهم إلى هذا الهجوم في العصر الحاضر بعد أن رأوا الحضارة الحديثة قد زعزت أسس العقيدة عند الغربيين، وأخذت تشككهم بكل التعاليم التي كانوا يتلقونها عن رجال الدين عندهم فيما مضى، فلم يجدوا خيرًا من تشديد الهجوم على الإسلام لصرف أنظار الغربيين عن نقد ما عندهم من عقيدة وكتب مقدسة، وهم يعلمون ما تركته الفتوحات الإسلامية الأولى ثم الحروب الصليبية ثم الفتوحات العثمانية في أوروبا بعد ذلك في نفوس الغربيين من خوف من قوة الإسلام وكره لأهله، فاستغنوا هذا الجو النفسي وازدادوا نشاطًا في الدراسات الإسلامية.
وهنالك الهدف التبشيري الذي لم يناسوه في دراستهم العلمية وهم قبل كل شيء رجال دين، فأخذوا يهدفون إلى تشويه سمعة الإسلام في نفوس رواد ثقافتهم من المسلمين، لإدخال الوهن إلى العقيدة الإسلامية، والتشكيك في التراث الإسلامي والحضارة الإسلامية، وكل ما يتصل بالإسلام من علم وأدب وتراث.
ومن العسير حقًّا على أي باحث أن يفرز العمل الاستشراقي عن الهدف