وفي كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسيرته وحياة الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أمثلة لا حصر لها من تربية المؤمنين على هذه القيم وتفاعلهم معها وصبغ حياتهم بها وتقريرها وإعلائها لدى الأمم والشعوب التي امتد إليها نور الإسلام، خلال أحقاب طويلة من التاريخ..
من هذه النماذج١:
أ- ما قرره القرآن الكريم في سورة "عبس" -في إطار التوجيه والعتاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم- من أن "القيمة الوحيدة التي يرجح بها وزن الناس أو يشيل"، هي قيمة الإيمان والتقوى، وهي منفصلة عن كل ما تعارف عليه الناس من موازين واعتبارات..
وقصة ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مشغولًا بأمر نفرٍ من سادة قريش، يدعوهم إلى الإسلام، ويرجو بدخولهم فيه خيرًا كثيرًا، لما لهم من قوة وجاه، ومال ونفوذ في قومهم -حين جاءه "ابن أم مكتوم" الرجل الفقير الأعمى- يقول: يا رسول الله. أقرئني وعلمني مما علمك الله. فيكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم مكتوم قطعه لكلامه واهتمامه؛ فيعبس ويعرض.. فينزل القرآن يعاتب الرسول عتابًا شديدًا على موقفه هذا، ويوجهه بعد ذلك إلى "حقيقة هذه الدعوة وكرامتها وعظمتها ورفعتها واستغنائها عن كل أحد، وعن كل سند، وعنايتها فقط بمن يريدها لذاتها؛ كائنًا ما كان وضعه في موازين الدنيا" ... وفي ذلك يقول عز وجل: