للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الداءَ استفحالًا، ويضاعف من امتداده؛ ليهدم البقية الصالحة من القوى السليمة.

وإن الطبيعة الأصيلة لهذه الأمة أنها أمة عقيدة مبناها التوحيد الخالص الذي حررها من الخضوع لغير الله، وأنقذها من أغلال الطاغوت، وطهرها من أدران الجاهلية ونقلها من حضيض التمزق والتخلف والفساد إلى ذروة الوحدة والتقدم والاستقامة. وهي أمة نظام كامل شامل شرعه الله للناس كافة رصيد إيمان لا يَنْفَدُ، ومصدر قوة لا تَضْعُفُ، ومنهاج حق وعدل، لا يهادن باطلًا، أو يرضى بظلم، وفي ذلك يقول الله تعالى:

{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ١.

١- في ضوء هذه الحقيقة يمكن القول: إن هذه الأمة ما يزال فيها من القوة الذاتية والحصانة الطبيعية ما يجعل الأمل كبيرًا في قدرتها على التغلب -بالجد والتصميم والصبر- على نتائج الهزيمة وآثارها البعيدة، وهي -وإن كانت واقعة تحت ضغط الأزمة الحادة- ليست مستعدة لقبول الحلول الجاهزة التي تصنعها الأيدي الغريبة، وسَلْبِيَّتُهَا هذه إزاء كل تجربة دخيلة، ووسيلة مغلوطة، دليل على توافر المناعة في كيانها. وقد يخال الأعداء -ولو جاءوا بثياب الأصدقاء- أنَّ المحنة فرصة مواتية لزعزعة ثقة الأمة بشخصيتها، ونشر ضباب اليأس في نفوس أبنائها، وزرع بذور الشك في قدرتها على الحياة، واستئناف السير من جديد دون سقوط أو تعثر، ولكنهم في ذلك واهمون وإن أَصْغَتْ


١ المائدة: "١٥-١٦".

<<  <   >  >>