للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليوم للنهضة الإسلامية"١.

وفي ضوء الربط الوثيق بين الثقافة والحضارة -وهو ما يدعو إليه في بحثه- يرى أن الثقافة تصبح نظرية في السلوك، أكثر من أن تكون نظرية في المعرفة؛ وبهذا الربط أيضًا يقاس الفرق الضروري بين الثقافة والعلم، وينتهي إلى ما يؤكد التلازم والربط بين الثقافة والحضارة فيقول:

"فالثقافة إذن تتعرف بصورة عملية على أنها: مجموعة من الصفات الخلقية، والقيم الاجتماعية التي يلقاها الفرد منذ ولادته كرأسمال أولي في الوسط الذي ولد فيه؛ والثقافة على هذا هي المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعه وشخصيته.

وهذا التعريف الشامل للثقافة هو الذي يحدد مفهومها؛ فهو المحيط الذي يعكس حضارة معينة، والذي يتحرك في نطاقه الإنسان المتحضر؛ وهكذا نرى أن هذا التعريف يضم بين دفتيه فلسفة الإنسان، وفلسفة الجماعة، أي "معطيات" الإنسان و "معطيات" المجتمع، مع أخذنا في الاعتبار ضرورة انسجام هذه المعطيات في كيان واحد، تحدثه عملية التركيب التي تجريها الشرارة الروحية، عندما يؤذن فجر إحدى الحضارات؛ ولكن لا سبيل لعودة الثقافة إلى وظيفتها الحضارية إلا بعد تنظيف الموضوع من الحشو أو الانحراف، الذي أحدثه عدم فهمنا لمفهوم "ثقافة"٢.

وفي صدد التوجيه نحو حضارة إنسانية وبيان مقاييس الحضارة -وهو بحث تطبيقي هادف- يقول الباحث عن الحضارة بأنها:

"مجموع المعارف العلمية والتشاريع والنظم والعادات والآداب التي تمثل الحالة الفكرية والاقتصادية والخلقية والسياسية والفنية، وسائر مظاهر الحياة


١ مالك بن نبي: "شروط النهضة" ص١٢١
٢ المرجع السابق ص١٢٥

<<  <   >  >>