بها كرامته، أو بهما معًا كما هو حال كثير من الأمم والشعوب في ظل هذه الفلسفات المادية المنحرفة التي استطاعت أن تتخذ من السلطة منطلقًا لممارسة نزعة القوة والخديعة في آن واحد..
ب- ولعل خير ما يجلي الصورة المقابلة لهذا الوضع المنحرف ما يبينه الإسلام من حقيقة "العبودية" في الإنسان، وهي العبودية التي تقوم على الثقة والطمأنينة واليقين الخالص وحب الله عز وجل والخوف منه ورجائه..
وقد أوضح شيخ الإسلام "ابن تيمية" -رحمه الله تعالى- حقيقة جوانب ذلك في رسالته "العبودية" فهو "ينزع نزعة مثالية في نظريته، نزعة ترد على الإنسانية كرامتها، وتحتفظ للإنسان بمنزلته العليا فوق عالم الكائنات الحية التي لا تطاوله في منزلته، ولا تنازعه في قمته التي وضعه الله فيها بما وضع فيه من عنصر العقل والإدراك، وابتغاء الحق والخير وأهلية التكليف".
يقول ابن تيمية:"والقلب خلق يحب الحق ويريده ويطلبه؛ فلما عرضت له إرادة الشر طلب دفع ذلك؛ فإنها تفسد القلب، كما يفسد الزرع بما ينبت فيه من الدغل" ص١٠٠ ويقول: "والقلب فقير بالذات إلى الله من جهتين: من جهة العبادة وهي العلة الغائية، ومن جهة الاستعانة والتوكل، وهي العلة الفاعلة؛ فالقلب لا يصلح ولا يفلح، ولا ينعم ولا يسر، ولا يلتذ ولا يطيب ولا يسكن، ولا يطمئن؛ إلا بعبادة ربه وحده، وحبه والإنابة إليه. ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات؛ لم يطمئن ولم يسكن؛ إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه بالفطرة من حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه" ص١٠٨.
وهذه النزعة -في الوقت نفسه- ليست نزعة خيالية تهمل الواقع؛ ولكن ترتفع به عن طريق "التسامي" أو "الإبدال" مما لمحه علماء النفس والتربية، وما عرفوا الطريق الحق إليه. "والأنبياء -كما يقول ابن تيمية في كتاب