للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الترجمان والبيان لمجمل القرآن، وقد أمروا بالتثبت على أتباعها. قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (١). واشترط لمحبته اتباع نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام في جميع الأحكام، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (٢). وقرن طاعة الرسول بطاعته فقال {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (٣)، فكانت السنة النبوية محفوظة مصونة من التحريف والتزوير، وقد رأى بعض الصحابة رضي الله عنهم - من حرصهم على حفظها - أن يدونها لا سيما بعد أن اطمأنوا إلى أن القرآن الكريم اكتمل جمعه وتدوينه، وزال الخوف من التباسه واختلاطه بغيره، واستثنائاً بقوله عليه الصلاة والسلام يوم فتح مكة "اكتبوا لأبي شاة" (٤) وغير ذلك. فكتبوا صحفاً ضمنوها بعض أقواله وأحكامه وأفعاله كصحيفة سعد بن عبادة الأنصاري، وصحيفة أبي هريرة، وصحيفة عبد الله بن أبي أوفى، وصحيفة جابر بن عبد الله، والصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص، والصحيفة الصحيحة لهمام بن منبه، إضافة إلى ما كان يكتبه الخلفاء لبعض القبائل أو العمال ككتاب أبي بكر الصديق لأنس بن مالك في فرائض الصدقة التي سنها الرسول صلى الله عليه وسلم، وكتاب عمر بن الخطاب لعتبة بن فرقد، وصحيفة علي بن أبي طالب التي كان فيها العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر (٥).

قال الحافظ ابن رجب: "اعلم أن العلم المتلقى من النبي صلى الله عليه وسلم من أقواله وأفعاله، كان الصحابة رضي الله عنهم في زمن نبيهم صلى الله عليه وسلم يتداولونه بينهم حفظاً له ورواية، ومنهم من كان يكتب .. " ثم


(١) سورة الحشر: الآية ٧.
(٢) سورة آل عمران: الآية ٣١.
(٣) سورة النساء: الآية ٨٠.
(٤) انظر: صحيح البخاري ج ١، ص ٣٨ لكنه يذكر (لأبي فلان) بدل (لأبي شاه) وانظر كذلك: مسند أحمد ج ١٢، ص ٢٣٥، وتقييد العلم للخطيب البغدادي ص ٨٩.
(٥) انظر: بحوث في تاريخ السنة المشرفة للدكتور الفاضل أكرم العمري، ص ٢٢٢ - ٢٢٤، وانظر كذلك: تاريخ التراث العربي ج ١، ص ٢٣٢ - ٢٣٥، ٢٥٤ - ٢٥٥.