للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مائة ألف حديث" (١)، ولازم إبراهيم بن موسى الفراء ثماني سنين من سنة أربع عشرة في آخرها إلى سنة اثنتين وعشرين (٢)، وكتب عن أبي سلمة التبوذكي عشرة آلاف حديث، وعن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث أيضاً (٣). وكان إلى جانب تلقيه العلم وروايته للحديث وتقييده ينشر السنة النبوية ويعلمها للناس، ويدافع عنها ويرد على المخالفين المعترضين، وكان تقبل عليه جموع الطلبة فيروي لهم ويسمع منهم الحديث ويصوب الصحيح، ويعلل الضعيف، وكان ابن أبي حاتم يقول عنه: "كان أبو زرعة قل يوم ألا يخرج معه إلى المسجد كتابين أو ثلاثة كتب لكل قوم كتابهم الذي سألوه فيه فيقرأ على كل قوم ما يتفق له القراءة من كتاب ثم يقرأ للآخر كتابه الذي قد سأل فيه أوراقاً ثم يقرأ للثالث كمثل ذلك فإذا رجعوا أولئك في يومهم يكون قد أخرج معه كتابهم فيجيء إلى الموضع الذي كان قرأ عليهم إلى ذلك المكان فيقرأ من غير أن يسألهم: إلى أين بلغتم؟ وما أول مجلسكم؟ فكان ذلك دأبه كل يوم لا يستفهم من أحد منهم أول مجلسه وهذا بالغداة وبالعشي كمثل، ولا أعلم أحداً من المحدثين قدر على هذا" (٤).

[٢ - رحلاته في طلب العلم]

يعد القرن الثالث الهجري العصر الذهبي للسنة النبوية حيث تضافرت فيه جهود المحدثين في مختلف مجالاتهم ضمن علومها الواسعة، من حيث تمييز الحديث الصحيح وإفراده بالتصنيف دون كلام الصحابة والتابعين. ووضعوا


(١) انظر: تاريخ بغداد ج ١٠ ص ٣٢٧، الأنساب للسمعاني ج ٦ ص ٣٥ وتاريخ دمشق، وطبقات الحنابلة ج ١ ص ٢٠٠ وتهذيب الكمال للمزي ورقة ٤٤٢ - ٤٤٣، وتهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٢، والمنهج الأحمد ج ١ ص ١٤٩، وطبقات المفسرين ج ١ ص ٣٧٠.
(٢) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص ٣٣٥.
(٣) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص ٣٣٥.
(٤) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص ٣٣٢ وهذا الخبر يدل على قوة حفظه أيضاً.