وهيهات أن يستدركوا فضل علمه … ولو مكثوا تسعين حولا وعمرو
لكي يدركوه أو تنال أكفهم … مدى النجم من حيث استقل المغور
أبا زرعة القمقام أصبحت بارزاً … على كل مرجئ بدينك تفخر
أبو زرعة شيخ النهى بكمالها … لك السبق إذ أنت الأغر المشهر
فمتعك الرحمن بالحلم والتقى … وأبقاك ما دام الدجاج يقرقر
فمن مبلغ عني أميري طاهرا … بأن عبيد الله شاه مظفر
أقام منار الدين فينا بعلمه … وليس كمن في دينه ينتصر
أتيتك لا أدلي إليك بقربة … سوى قربة الدين الذي هو أكثر
فسبقك محمود وشكرك واجب … وعلمك مبسوط وبحرك يزخر
وأبقاك ربي ماحييت بغبطة … فأنت نقي العرض ليث غضنفر (١)
ومن رثاه من أهل الأدب أيضاً الحواري فيقول:
نفى النوم عن عيني ومازلت ساهراً … أراعي نجوما في السماء طوالعاً
بفقدان حبر مات بالري فاضلاً … عليما حليما خيرا متواضعاً
عنيت عبيد الخالق الجهبذ الذي … أقام لنا آثار أحمد بارعاً
أقام لنا دين النبي محمد … وأوضح للإسلام حقا وتابعا
وأنفى لنا التكذيب والبطل حسبة … ورد على الضلال من كان ضائعا
بآثار ختام النبيين أحمد … وكان إماماً قدوة كان خاضعاً
فكاد له قلبي يطير مفجعاً … غداة نعوه أو تصدع جازعاً
وما زلت ذا شجو وهم وعبرة … كثكلى كئيبا دامع العين فاجعاً
لقد مات محموداً سعيداً ولم نجد … له خلفاً في المشرقين مطالعاً
كمثل عبيد الله ذي الحلم فاضل … أبي زرعة الغواص في العلم شاسعاً
دفيناً كريماً تحت رمس وبرزخ … وأورثنا غماً إلى الحشر فاظعاً
(١) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص ٣٧٢ - ٣٧٣.