للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٣ - رحلته إلى عسقلان]

رحل أبو زرعة إلى عسقلان للسماع من محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن الحافظ العسقلاني (١)، ولا نستغرب حينما نقرأ عن رحلات الأئمة الحفاظ أن أحدهم كان يقصد مدينة ما لكي يسمع من أحد الحفاظ. فقد كان اشتهار عالم واحد في مدينة ما يكفي لأن تجتذب إليها الأنظار، ويسعى إليها طلاب العلم من كل مكان (٢)، وهكذا كان أبو زرعة يحرص على اللقاء بكل حافظ وإن شطت مدينته. وسمع أيضاً في رحلته هذه من طيب بن زبان أبو زبان الفلسطيني العسقلاني في قريته سناجية (٣).

[١٤ - رحلته إلى بيروت]

لقد مضى قول أبي زرعة في طلبه للحفاظ في الثغور ومنها بيروت حيث قال: "ودخلت بيروت مرابطاً ومن همتي أن أسمع من العباس ابن الوليد .. " (٤)، ويحدثنا أيضاً عن شهادة بعض شيوخها فيه فيقول: "مررت يوماً ببيروت فإذا شيخ مخضوب متكئ على عصا فلما نظر إليّ قال الرجل: ترى هذا ليس في الدنيا أحفظ من هذا. قال أبو زرعة ما يدريه؟ عرف حفاظ الدنيا حتى يشهد لي بهذه الشهادة غير أن الناس إذا سمعوا شيئاً قالوه" (٥). وقوله هذا يدل على تواضعه.


(١) انظر: سير أعلام النبلاء في ترجمة أبي زرعة.
(٢) انظر: موارد الخطبب للدكتور أكرم العمري ص ٣٩.
(٣) سناجية بوزن كراهية .. قال ياقوت في معجم البلدان في مادة (سناجية) "قرية بقرب عسقلان .. وقيل: هي من أعمال الرملة وهي قرية أبي قرصافة صاحب رسول الله- صل الله عليه وسلم-، وقد روى بعض المحدثين (سنّاجَيةُ) وذكر فيها لقاء أبي زرعة به". وانظر: الجرح والتعديل: ج ٢/ ق ١/ ٤٩٨.
(٤) انظر: الإرشاد ج ٤، في ترجمة الوليد بن مزيد البيروتي وكذا في سير أعلام النبلاء في ترجمة أبي زرعة.
(٥) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص ٣٣٤.