للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفصل الرابع: انتقاد أبي زرعة وتجريحه لبعض الأئمة والدفاع عنهم]

قد علمنا مما مضى في غير موضع أن أبا زرعة من النقاد المتشددين في الرواية، فهو لا يتساهل ولا يتسامح في قبول أخبار الضعفاء الذين ثبت عنده تجريحهم، ولعل تناوله بعض الأئمة والحفاظ والأفراد من أقرانه وشيوخه ومن تشدد من الزهاد في مسلكه جعل بعض النقاد والمحدثين ينظر إلى تجريحه كما ينظر إلى تجريح يحيى القطان وشعبة بن الحجاج أي وضعه في منزلتهم في التشدد وعدم التساهل والتسامح في التجريح والتعديل. ولما وقفت على رأي الحافظ الذهبي فيه حيث أنصفه بقوله: "يعجبني كثيراً كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل، يبين عليه الورع والخبرة … " (١) رأيت من الواجب علي أن أفرد فصلاً أوضح فيه انتقاده وتجريحه لأولئك الرجال والحفاظ والدوافع التي دفعته إلى تجريحهم وهل تطرف أم كان من المنصفين؟ والتوفيق والجمع بين أقوال معدليهم وناقديهم فكان هذا الفصل.

ولقد جرح بعض الأئمة لا لضعفهم فهو يقر ويشهد بحفظهم بل لخوضهم في فتنة خلق القرآن (٢)، وجرح بعضهم بسبب منهجهم في التصنيف (٣)، وحمل على البعض بسبب أقواله وطريقته في الزهد (٤) وتكلم في غيرهم لبعض الأسباب.


(١) انظر: سير أعلام النبلاء في ترجمة أبي زرعة.
(٢) كعلي بن المديني ويحيى بن معين والبخاري وغيرهم.
(٣) الإمام مسلم، وابن ماجة.
(٤) الحارث المحاسبي.