للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديث يكثر في أحاديث الثقات أن يحدّثوا بحديث له علة فيخفى عليهم علمه فيصير الحديث معلولا والحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير" (١).

وقال عبد الرحمن بن مهدي: "لأن أعرف علة حديث هو عندي أحب إليّ من أن أكتب عشرين حديثا ليس عندي" (٢). وقال أيضاً: "معرفة الحديث إلهام، فلو قلت للعالم يعلل الحديث من أين قلت هذا لم يكن له حجة" (٣)، وقيل له "إنك تقول للشيء هذا صحيح وهذا لم يثبت فعمن تقول ذلك؟ فقال: أرأيت لو أتيت الناقد فأريته دراهمك فقال هذا جيد وهذا بهرج (أي الرديء من الفضة) أكنت تسأل عمن ذلك أو تسلم له الأمر قال: فهذا كذلك بطول المجالسة والمناظرة والخبرة" (٤).

وقال ابن رجب خلال كلامه عن حديث معلول: "وإنما يحمل مثل هذه الأحاديث على تقدير صحتها على معرفة أئمة أهل الحديث الجهابذة النقاد الذين كثرت دراستهم لكلام النبي صلى الله عليه وسلم ولكلام غيره لحال رواة الأحاديث ونقلة الأخبار ومعرفتهم بصدقهم وكذبهم وضبطهم وحفظهم. فإن هؤلاء لهم نقد خاص في الحديث مختصون بمعرفته كما يختص البصير الحاذق بمعرفة النقود جيّدها ورديئها وخالصها ومشوبها، والجوهري الحاذق في معرفة الجوهر بإنقاد الجواهر وكل من هؤلاء لا يمكن أن يعبر عن سبب معرفته ولا يقيم عليه دليلا لغيره، وآية ذلك أنه يعرض الحديث الواحد على جماعة ممن يعلم هذا العلم فيتفقون على الجواب فيه من غيرمواطأة وقد امتحن منهم غير هذا مرة


(١) انظر: معرفة علوم الحديث ص ١١٢ - ١١٣، تدريب الراوي ص ١٦١ باختصار وتوجيه النظر إلى أصول الأثر لطاهر الجزائري ص ٢٦٧، ٢٦٨.
(٢) انظر: علل الحديث لابن أبي حاتم ج ١ ص ٩، ومعرفة علوم الحديث ص ١١٢، وتدريب الراوي ص ١٦١، وتوجيه النظر ص ٢٦٧، والبدر المنير لابن الملقن الورقة (٩ - ب).
(٣) انظر: معرفة علوم الحديث ص ١١٣، وتدريب الراوي ص ١٦٢، وانظر قوله وتعقيب ابن نمير عليه في علل الحديث ج ١ ص ٩ وتوجيه النظر ص ٢٧١، قال ابن نمير (وصدق لو قلت له من أين قلت لم يكن له جواب).
(٤) انظر: تدريب الراوي ص ١٦٢.