للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد بن مسلم؟ قال: يفهم طرفاً منه" (١) ولقد ذكر ابن رجب خلال شرحه لحديث "استفت قلبك" الأئمة المشهورين بمعرفة علل الحديث فقال: "فالجهابذة النقاد والعارفون بعلل الحديث أفراد قليل من أهل الحديث جدا. وأول من اشتهر في الكلام في نقد الحديث ابن سيرين، ثم خلفه أيوب السختياني، وأخذ عنه شعبة وأخذ عن شعبة يحيى القطان وابن مهدي، وأخذ عنهما أحمد وعلي بن المديني وابن معين، وأخذ عنهم مثل البخاري وأبي داوود وأبي زرعة وأبي حاتم. وكان أبو زرعة في زمانه يقول: قل من يفهم هذا وما أعزه إذا رفعت هذا (٢) عن واحد واثنين فما أقل من تجد من يحسن هذا. ولما مات أبو زرعة قال أبوحاتم: ذهب الذي كان يحسن هذا المعنى. يعني أبا زرعة ما بقي بمصر ولا بالعراق واحد يحسن هذا. وقيل له بعد موت أبي زرعة تعرف اليوم واحدا يعرف هذا؟ قال: لا وجاء بعد هؤلاء جماعة منهم النسائي والعقيلي وابن عدي والدارقطني وقل من جاء بعدهم من هو بارع في معرفة ذلك حتى قال أبو الفرج ابن الجوزي في أول كتابه الموضوعات: قل من يفهم هذا بل عدم والله أعلم" (٣)، ولقد روى المحدثون عن أبي زرعة أخبارا كثيرة في تعليله للأحاديث فتارة يحتكم إليه بعض أقرانه فيبين علة الحديث، وتارة يكتب إليه بعض المحدثين من غير بلده، وتارة يعل أحاديث بعض شيوخه حتى إن ابن أبي حاتم أفرد في باب خاص أخبار أبي زرعة في علل الحديث من تقدمة الجرح والتعديل بعنوان (باب ما ذكر من معرفة أبي زرعة بعلل الحديث وبصحيحه من سقيمه) وها أنا ذا أذكر بعض هذه الأخبار. قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة يقول: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا وكيع عن مسعر عن عاصم بن عبيد الله قال: "رأيت ابن عمر يهرول إلى المسجد، فقال أبو زرعة: فقلت له: مسعر لم يرو عن


(١) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص ٣٥٦، وقال كما نقله ابنه عنه في الجرح والتعديل ج ١/ ق ١/ ٢٣ "الذي كان يحسن صحيح الحديث من سقيمه وعنده تمييز ذلك ويحسن علل الحديث أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني، وبعدهم أبو زرعة كان يحسن ذلك قيل لأبي- القائل ابن أبي حاتم- فغير هؤلاء تعرت اليوم أحداً؟ قال: لا".
(٢) انظر: جامع العلوم والحكم ص ٢٢٥، وانظر: كلام ابن الجوزي في الموضوعات ج ١ ص ٣١.
(٣) بالأصل (ألا).