للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكثير وكان يُمَيّزُ وينتقي وينتخب من أحاديثه، ولا يدون كل حديث يسمعه قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة يقول: قعدت إلى أبي الوليد يوماً فحملت عنه ثمانية عشر حديثاً، وحدثنا مذاكرة من غير أن كتبت منه حرفا وتحفظت عنه كله) (١)، ولازم الحافظ موسى بن إسماعيل التبوذكي (٢) وكتب عنه الكثير أيضاً.

قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة يقول- كتبت عن أبي سلمة التبوذكي عشرة آلاف حديث، أما حديث حماد بن سلمة (٣) فعشرة آلاف حديث وكنا نظن أنه يقرأ كما كان يقرأ قديماً فاستكتبنا الكثير، ومات فبقي علينا شيء نحو قوصرة (٤) فوهبت لقوم بالبصرة" (٥). ولقد كان يتجنب في رحلاته أهل البدع فلا يقربهم ولا يكتب عنهم.

قال ابن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية: حدثنا أبي وأبو زرعة قال: "كان يحكى لنا أن هنا رجلاً من قصة هذا، فحدثني أبو زرعة قال: كان بالبصرة رجل وأنا مقيم في سنة ثلاثين ومائتين فحدثني عثمان بن عمرو بن الضحاك عنه أنه قال: إن لم يكن القرآن مخلوقا فمحا الله ما في صدري من


(١) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص ٣٣٢.
(٢) موسى هو (ع) ابن إسماعيل المنقري مولاهم أبو سلمة التبوذكي البصري سمع من حماد ابن سلمة تصانيفه، وكتب عنه يحيى بن معين خمساً وثلاثين ألف حديث ت ٢٢٣ هـ. انظر: تذكرة الحفاظ ج ١ ص ٣٩٤، وتهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٣٣٣ - ٣٣٥.
(٣) حماد هو (خت م ٤) ابن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة قال ابن حبان: (لم يكن من أقران حماد بن سلمة بالبصرة مثله في الفضل والدين والنسك والعلم والكتب والجمع والصلابة في السنة والقمع لأهل البدع .. ) وقال البيهقي: "هو أحد أئمة المسلمين إلا أنه لما كبر ساء حفظه فلذا تركه البخاري، وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ماسمع منه قبل تغيره وماسوى حديثه عن ثابت لا يبلغ اثني عشر حديثاً أخرجها في الشواهد … " ت ٦٧ هـ. انظر: تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١١ - ١٦.
(٤) القوصرة: مخففة الراء أو مثقلها وعاء من قصب يرفع فيه التمر من البوازي انظر: لسان العرب ج ٦ ص ٤١٦٧.
(٥) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص ٣٣٥.