للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ الحَسَنُ: إنَّ هذا الموتَ قد أفْسَدَ على أهلِ النَّعيمِ نعيمَهُم، فالْتَمِسوا عيشًا لا موتَ فيهِ.

وقالَ: فَضَحَ الموتُ الدُّنيا فلمْ يَدعْ لذي لبٍّ بها فرحًا (١).

وقالَ غيرُهُ: ذَهَبَ ذكرُ الموتِ بلذاذةِ كلِّ عيشٍ وسرورِ كلِّ نعيمٍ. ثمَّ بَكى وقالَ: واهًا لدارٍ لا موتَ فيها!

اذْكُرِ المَوْتَ هاذِمَ اللَّذَّاتِ … وَتَهَيَّأ لِمَصْرَعٍ سَوْفَ ياتي (٢)

يا غافِلَ القَلْبِ عَنْ ذِكْرِ المَنِيَّاتِ … عَمَّا قَليلٍ سَتُلْقى بَيْنَ أمْواتِ

فَاذْكُرْ مَحَلَّكَ مِنْ قَبْلِ الحُلولِ بهِ … وَتُبْ إلى اللهِ مِنْ لَهْوٍ وَلَذَّاتِ

إنَّ الحِمامَ لَهُ وَقْتٌ إلى أجَلٍ … فَاذْكُرْ مَصائِبَ أيَّامٍ وساعاتِ

لا تَطْمَئِنَّ إلى الدُّنْيا وَزينَتِها … قَدْ آنَ لِلمَوْتِ يا ذا اللُّبِّ أنْ ياتي

قالَ بعضُ السَّلفِ: شيئانِ قَطَعا عنِّي لذاذةَ الدُّنيا: ذكرُ الموتِ، والوقوفُ بينَ يديِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ.

وَكَيْفَ يَلَذُّ العَيْشَ مَنْ كانَ موقِنًا … بِأنَّ المَنايا بَغْتَةً سَتُعاجِلُهْ

وَكَيْفَ يَلَذُّ العَيْشَ مَنْ كانَ موقِنًا … بِأنَّ إلهَ العَرْشِ لا بُدَّ سائِلُهْ

قالَ أبو الدَّرْداءِ: كَفى بالموتِ واعظًا، وكَفى بالدَّهرِ مفرِّقًا اليومَ في الدُّورِ وغدًا في القبورِ.

أُذْكُرِ المَوْتَ وَلازِمْ ذِكْرَهُ … إنَّ في المَوْتِ لِذي اللُّبِّ عِبَرْ

وَكَفى بِالمَوْتِ فَاعْلَمْ واعِظًا … لِمَنِ المَوْتُ عَلَيْهِ قَدْ قُدِرْ


= (الكهف ٨٢ - درّ)؛ من طريق بشر بن المنذر، ثنا الحارث بن عبد الله اليحصبي، عن عيّاش بن عبّاس القتباني، عن ابن حجيرة، عن أبي ذر … رفعه. قال البزّار: "لا نعلمه يروى عن أبي ذرّ إلّا بهذا الإسناد".
وقال الهيثمي (٧/ ٥٧): "بشر بن المنذر عن الحارث بن عبد الله اليحصبي ولم أعرفهما". ووافقه العسقلاني.
ورواه ابن مردويه (الكهف ٨٢ - درّ) من حديث علي مرفوعًا بنحوه.
وقد جاء من أوجه عدّة من ابن عبّاس والحسن وغيرهما موقوفًا، فالظاهر أن هذا أصله، وأنّه ممّا تسرّب إلينا من مرويّات أهل الكتاب، والله أعلم.
(١) في خ: "لذي لبّ فيها فرحًا"، والأولى ما أثبتّه من م ون وط.
(٢) هذا بيت مفرد لا علاقة له بالمقطوعة التالية لأنّه يخالفها وزنًا.

<<  <   >  >>