للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[وظائف شهر صفر]

في الصَّحيحينِ (١): عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "لا عدوى ولا هامةَ ولا صَفَرَ". فقالَ أعرابيٌّ: يا رسولَ اللهِ! فما بالُ الإبلِ تَكونُ في الرَّملِ كأنَّها الظِّباءُ فيُخالِطُها البعيرُ الأجربُ فيُجْرِبُها؟ فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فمَن أعْدى الأوَّلَ؟ ".

• أمَّا العدوى؛ فمعناها أن المرضَ يَتَعَدَّى مِن صاحبِهِ إلى مَن يُقارِبُهُ مِن الأصحَّاءِ فيَمْرَضُ بذلكَ. وكانَتِ العربُ تَعْتَقِدُ ذلكَ في أمراضٍ كثيرةٍ منها الجربُ، ولذلكَ سَألَ الأعرابيُّ عن الإبلِ الصَّحيحةِ يُخالِطُها البعيرُ الأجربُ فتَجْرَبُ، فقالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فمَن أعْدى الأوَّلَ؟ "، ومرادُهُ أن الأوَّلَ لمْ يَجْرَبْ بالعدوى بل بقضاءِ اللهِ وقدرِهِ فكذلكَ الثَّاني وما بعدَهُ (٢).

* وقد وَرَدَتْ أحاديثُ أشْكَلَ على كثيرٍ مِن النَّاسِ فهمُها حتَّى ظَنَّ بعضُهُم أنَّها ناسخةٌ لقولِهِ: "لا عدوى":

مثلُ ما في الصَّحيحينِ (٣): عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "لا يُورِدُ ممرِضٌ على مصحٍّ". والممرِضُ: صاحبُ الإبلِ المريضةِ، والمُصِحُّ: صاحبُ الإبلِ الصَّحيحةِ. والمرادُ النَّهيُ عن إيرادِ الإبلِ المريضةِ على الصَّحيحةِ.

ومثلُ قولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فِرَّ مِن المجذومِ فرارَكَ مِن الأسدِ" (٤).


(١) البخاري (٧٦ - الطب، ٢٥ - لا صفر، ١٠/ ١٧١/ ٥٧١٧)، ومسلم (٣٩ - السلام، ٣٣ - لا عدوى ولا طيرة، ٤/ ١٧٤٢/ ٢٢٢٠).
(٢) فيه نظر؛ لأنّ إثبات العدوى لا يقتضي بالضرورة إنكار القدر، بل أغلب المثبتين للعدوى اليوم يقرّون بأنّ الله خلق السبب والمسبّب وساق العدوى وقدّر المرض من جرّائها. وسيأتي تفصيل هذا قريبًا.
(٣) البخاري (٧٦ - الطبّ، ٥٣ - لا هامة، ١٠/ ٢٤١/ ٥٧٧١)، ومسلم (قبله، ٤/ ١٧٤٣/ ٢٢٢١).
(٤) (صحيح). علّقه البخاري (١٦ - الطبّ، ١٩ - الجذام، ١٠/ ١٥٨/ ٥٧٠٧): قال عفّان، ثنا سليم =

<<  <   >  >>