للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ بعضُ السَّلفِ: لو أُخْرِجَ أهلُ النَّارِ منها إلى نارِ الدُّنيا؟ لَقالوا (١) فيها ألفي عامٍ. يَعْني: أنَّهُم كانوا يَنامونَ فيها ويَرَوْنَها بردًا.

كانَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ يَقولُ: أكْثِروا ذكرَ النَّارِ؛ فإنَّ حرَّها شديد، وإنَّ قعرَها بعيد، وإنَّ مقامعَها حديد.

كانَ ابنُ عُمَرَ وغيرُهُ مِن السَّلفِ إذا شَرِبوا ماءً باردًا بَكَوْا وذَكَروا أُمنيةَ أهلِ النَّارِ وأنَّهُم يَشْتَهونَ الماءَ الباردَ - وقد حيلَ بينَهُم وبينَ ما يَشْتَهونَ - وتقولونَ لأهلِ الجنَّةِ: {أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} [الأعراف: ٥٠]، فيَقولونَ [لهُم]: إنَّ الله حَرَّمَهُما على الكافرينَ.

والمصيبةُ العظمى حينَ تُطْبِقُ النَّارُ على أهلِها ويَيْأسونَ مِن الفرجِ، وهوَ الفزعُ الأكبرُ الذي يَأْمَنُهُ أهلُ الجنَّةِ الذينَ سَبَقَتْ لهُم منَّا الحسنى أُولئكَ عنها مبعَدونَ.

لَوْ أبْصَرَتْ عَيْناكَ أهْلَ الشَّقا … سِيقُوا إلى النَّارِ وَقَدْ أُحْرِقوا

شَرابُهُمُ المُهْلُ في قَعْرِها … إذْ خَالَفوا الرُّسْلَ وَما صَدَّقوا

تَقولُ أُخْراهُمْ لأُولاهُمُ … في لُجَجِ المُهْلِ وَقَدْ أُغْرِقوا

قَدْ كُنْتُمُ خُوِّفْتُمُ حَرَّها … لكِنْ مِنَ النِّيرانِ لَمْ تَفْرَقوا

وَجِيءَ بِالنِّيرانِ مَزْمومَةً … شَرارُها مِنْ حَوْلِها مُحْدِقُ

وَقيلَ لِلنِّيرانِ أنْ أحْرِقي … وَقيلَ لِلْخُزَّانِ أنْ أطْبِقوا

المجلس الثالث في ذكر فصل الشِّتاء

خَرَّجَ الإمامُ أحْمَدُ مِن حديثِ: أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "الشِّتاءُ ربيعُ المؤمنِ" (٢).


(١) من القيلولة.
(٢) (ضعيف). رواه أحمد (٣/ ٧٥)، وأبو يعلى (١٠٦١ و ١٣٨٦)، وابن عدي (٣/ ٩٨١)، والعسكري (١٥٣٣ - كشف الخفاء)، والدارقطني في "الأفراد" (٥٠١ - واهيات)، وأبو نعيم في "الحلية" =

<<  <   >  >>