تَدْري متى يَهْجُمُ الأجل.
كُلُّ امْرِئ مُصَبَّحٌ في أهْلِهِ … وَالمَوْتُ أدْنى مِن شِراكِ نَعْلِهِ
قالَ بعضُ السَّلفِ: كم مِن مستقبلٍ يومًا لا يَسْتكمِلُه، ومِن مؤمِّلٍ غدًا لا يُدْرِكُه؛ إنَّكُم لو رَأيْتُمُ الأجلَ ومسيرَه لأبْغَضْتُمُ الأملَ وغرورَه.
أُؤَمِّلُ أنْ أُخَلَّدَ وَالمَنايا … تَدورُ عَلَي مِنْ كُلِّ النَّواحي
وَما أدْري وَإنْ أمْسَيْتُ يَوْمًا … لَعَلِّي لا أعِيشُ إلى الصَّباحِ
كم ممَّن راحَ في طلبِ الدُّنيا أو غَدا أصْبَحَ مِن سكَّانِ القبورِ غدا.
كَأنَّكَ بِالمُضِيِّ إلى سَبيلِكْ … وَقَدْ جَدَّ المُجَهِّزُ في رَحيلِكْ
وَجيءَ بِغاسِلٍ فَاسْتَعْجَلوهُ … بِقَوْلِهِمُ لَهُ افْرَغْ مِن غَسيلِكْ
وَلَمْ تَحْمِلْ سِوى كَفنٍ وَقُطْنٍ … إلَيْهِـ[ـمْ] مِنْ كَثيرِكَ أوْ قَليلِكْ
وَقَدْ مَدَّ الرِّجالُ إلَيْكَ نَعْشًا … فَأنْتَ عَلَيْهِ مَمْدودٌ بِطولِكْ
وَصَلَّوْا لمَّ إنَّهُمُ تَداعَوْا … لِحَمْلِكَ (١) في بُكورِكَ أو أصيلِكْ
فَلَمَّا أسْلَموكَ نَزَلْتَ قَبْرًا … وَمَنْ لَكَ بِالسَّلامَةِ في نُزولِكْ (٢)
أعانَكَ يَومَ تَدْخُلُهُ رَحيمٌ … رَؤوفٌ بِالعِبادِ عَلى دُخولِكْ
فَسَوْفَ تُجاوِرُ المَوْتى طَويلًا … فَذَرْني مِنْ قَصيرِكَ أو طَويلِكْ
أخِي ها قَدْ (٣) نَصَحْتُكَ فاسْتَمعْ لي … وَبِاللهِ اسْتَعَنْتُ عَلى قَبولِكْ
ألَسْتَ تَرى المَنايا كُلَّ حينٍ … تُصيبُكَ في أخيكَ وفي خَليلِكْ
[المجلس الثالث في صيام آخر شعبان]
في الصَّحيحينِ (٤) عن عِمْرانَ بن حُصَيْنٍ؛ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لرجل: "هل صُمْتَ
(١) في خ ون: "بحملك"! والصواب ما أثبتّه من م وط.
(٢) في خ: "من نزولك"، والأولى ما أثبته من م ون وط.
(٣) كذا في خ، وفي م: "أخي إني"، وفي ن: "أخيّ لقد".
(٤) البخاري (٣٠ - الصوم، ٦٢ - الصوم من آخر الشهر، ٤/ ٢٣٠/ ١٩٨٣)، ومسلم (١٣ - الصيام، ٣٧ - صوم سرر شعبان، ٢/ ٨٢٠/ ١١٦١).