للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لنا عيدٌ. فتَرَكَهُ، ثمَّ جاءَهُ يومًا آخرَ، فقالَ لهُ مثلَ ذلكَ. ثمَّ يومًا آخرَ، فقال لهُ مثلَ ذلكَ. فقالَ لهُ: ما أكثرَ أعيادَكَ! قالَ: يا بطَّالُ! أما عَلِمْتَ أن كلَّ يومٍ لا نَعْصي الله فيهِ فهوَ لنا عيدٌ (١).

أوقاتُ العارفينَ كلُّها فرحٌ وسرورٌ بمناجاةِ مولاهُم وذكرِهِ، فهيَ أعيادٌ.

وكانَ الشِّبْلِيُّ يُنْشِدُ:

إذا ما كُنْتَ لي عيدًا … فَما أصْنَعُ بِالعيدِ

جَرى حُبُّكَ في قَلْبي … كَجَرْيِ الماءِ في العودِ

وأنْشَدَ أيضًا:

عيدي مُقيمٌ وَعيدُ النَّاسِ مُنْصَرِفُ … وَالقَلْبُ مِنِّي عن اللَذَّاتِ مُنْحَرِفُ

وَلي قَرينانِ ما لي مِنْهُما خَلَفٌ … طولُ الحَنينِ وَعَيْنٌ دَمْعُها يَكِفُ

[المجلس الرابع في ذكر ختام العام]

خَرَّجَ الإمامُ أحْمَدُ مِن حديثِ: جابرٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "لا تتمَنَّوُا الموتَ؛ فإنَّ هولَ المطَّلَعِ شديدٌ، وإنَّ مِن السَّعادةِ أنْ يَطول عمرُ العبدِ ويَرْزُقَهُ اللهُ الإنابةَ" (٢).


(١) وهذه والله عجيبة لا تجدها إلّا عند عارفي (!) القوم! إذا كان هذا العارف (!) في يوم عيد؛ فأيّ مانع يمنعه من تكليم من جاءه وقضاء حاجته؟! وهل من سنن العيد عندهم عدم الكلام مع الخلق وقضاء حاجاتهم؟! وإذا كان السائل لا يعرف شيئًا عن هذا العيد المزعوم ولا عن سنّة أصحابه فيه؛ فهل يكون بطّالًا؟! أوليس نبذ هذا الرجل بأّنه بطّال معصية مفسدة للعيد المزعوم؟!
(٢) (لا بأس به). يرويه كثير بن زيد واختلف عليه فيه على وجوه: روى أوّلها الذهبي في "الميزان" (٣/ ٤٠٤) تعليقًا من طريق هشام بن عبيد الله، ثنا سليمان بن بلال، عنه، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة … رفعه. وروى الثاني: عبد بن حميد (١١٥٥)، والبخاري في "التاريخ" (٢/ ٢٨٥)؛ من طريق وكيع، عنه، عن سلمة بن أبي يزيد، عن جابر … رفعه. وروى الثالث: أحمد في "المسند" (٣/ ٣٣٢) و"الزهد" (١١٦)، والبخاري في "التاريخ" (٢/ ٢٨٥)، والبزّار (٣٢٤٠ و ٣٤٢٢ - كشف)، والحاكم (٤/ ٢٤٠)، والبيهقي في "الشعب" (١٠٥٨٩) و"الزهد" (٦١٩)؛ من طريق وكيع وجماعة من الثقات، عنه، عن الحارث بن أبي يزيد، عن جابر … رفعه. فالوجه الثالث هنا هو رواية جماعة الثقات المحفوظة. والثاني تفرّد به وكيع مع أنّه رواه على الجادّة مرّة كما رواه غيره، فبان أنّ الرواية التي تفرّد بها شاذّة، ولذلك قال البخاري: "سلمة هنا لا =

<<  <   >  >>