للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخَرَّجَهُ البُخارِيُّ (١) بمعناهُ، ولفظُهُ: "مثلُهُ كمثلِ رجلٍ بنى دارًا، وجَعَلَ فيها مأْدبةً، وبَعَثَ داعيًا، فمَن أجابَ الدَّاعيَ دَخَلَ الدَّارَ وأكَلَ مِن المأْدبةِ، ومَن لمْ يُجِبِ الدَّاعيَ لمْ يَدْخُلِ الدَّارَ ولمْ يَأْكُلْ مِن المأْدبةِ؛ فالدَّارُ الجنَّةُ، والدَّاعي مُحَمَّدٌ".

في بعضِ الآثارِ الإسرائيليّةِ: يَقولُ اللهُ: ابنَ ادَمَ! ما أنْصَفْتَني، أذْكُرُكَ وتَنْساني، وأدْعوكَ إليَّ فتَفِرُّ منِّي إلى غيري، وأُذْهِبُ عنكَ البلايا وأنتَ معتكفٌ على الخطايا. ابنَ آدَمَ! ما يَكونُ اعتذارُكَ غدًا إذا جِئْتَني؟!

طوبى لمَن أجابَ دعوةَ مولاه، {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} [الأحقاف: ٣١].

يا نَفْسُ وَيْحَكِ قَدْ أتاكِ هُداكِ … أجيبي فَداعي الحَقِّ قَدْ ناداكِ

كَمْ قَدْ دُعِيتِ إلى الرَّشادِ فتُعْرِضي … وَأجَبْتِ داعي الغَيِّ حينَ دَعاكِ

كلُّ ما في الدُّنيا يُذَكِّرُ بالآخرةِ، فمواسمُها وأعيادُها وأفراحُها تُذَكِّرُ بمواسمِ الآخرةِ وأعيادِها وأفراحِها.

صَنَعَ عَبْدُ الواحِدِ بنُ زَيْدٍ طعامًا لإخوانِهِ، فقامَ عُتْبَةُ الغلامُ على رؤوسِ الجماعةِ يَخْدُمُهُم وهوَ صائمٌ، فجَعَلَ عَبْدُ الواحِدِ يَنْظُرُ إليهِ ويُسارِقُهُ النَّظرَ ودموعُ عُتْبَةَ تَجْري، فسَألَهُ بعدَ ذلكَ عن بكائِهِ، فقالَ: ذَكَرْتُ موائدَ الجنَّةِ والولدانُ قائمونَ على رؤوسِهِم، فصُعِقَ عَبْدُ الواحِدِ (٢)!

أبدانُ العارفينَ في الدُّنيا وقلوبُهُم في الآخرةِ.

جِسْمي مَعي غَيْرَ أن الرُّوحَ عِنْدَكُمُ … فَالجِسْمُ في غُرْبَةٍ وَالرُّوحُ في وَطَنِ

أعيادُ النَّاسِ تَنْقَضي، فأمَّا أعيادُ العارفينَ فدائمةٌ.

قالَ الحَسَنُ: كلُّ يومٍ لا تَعْصي الله فيهِ فهوَ لكَ عيدٌ.

جاءَ بعضُهُم إلى بعضِ العارفينَ فسَلَّمَ عليهِ وقالَ لهُ: أريدُ أنْ أكَلِّمَكَ. قالَ: اليومَ


(١) (٩٦ - الاعتصام، ٢ - الاقتداء بالسنن، ١٣/ ٢٤٩/ ٧٢٨١).
(٢) الناظر في تراجم هذه الشخصيّات وأخبارهم سيجدهم أقرب إلى الخيال والنسيج القصصي منهم إلى الواقع والحقيقة! لا تراهم إلَّا باكين أو مصعوقين أو ميّتين صعقًا أو مع جماعة من هذا الصنف! هذه أخبار لا ترى لها في سيرة الصحابة وتابعيهم بإحسان ووارثيهم من أهل العلم كالأوزاعيّ والزهري وشعبة والسفيانين والأئمّة الأربعة وأئمّة الحديث الستّة … لا ترى لها عينًا ولا أثرًا! والله المستعان على أهل البهتان.

<<  <   >  >>