٤) وقد أوْرَثَ هذا المنهجُ المطَّردُ مجالسَ الكتابِ توازنًا دقيقًا وتعادلًا في الحجمِ والقوَّةِ ووفرةِ المادَّةِ العلميَّةِ فلا تَجِدُ فيها مجلسًا ضئيلَ الفائدةِ مكرَّرَ المادَّةِ معَ أن عباداتِ المواسمِ المختلفةِ لا تَكادُ تَخْرُجُ عن صلاةٍ أو صيامٍ أو حجٍّ.
* حول الأسلوب:
١) اعْتَمَدَ الحافظُ يَرْحَمُهُ اللهُ في كتابِهِ هذا أُسلوبًا علميًّا يَتَّسِمُ بالسُّهولةِ واليسرِ: فالألفاظُ شائعةٌ متداولةٌ بعيدةٌ عن الغرابةِ والوحشيَّةِ، والجملُ قصيرةٌ مفهومةٌ بعيدةٌ عن مجازاتِ الأدباءِ واستعاراتِهِم، والسِّياقاتُ متتابعةٌ مباشرةٌ بعيدةٌ عن اعتراضاتِ الخطباءِ والمتعالمينَ اعتراضًا تلوَ الآخرِ.
٢) ويَدَّخِرُ الحافظُ يَرْحَمُهُ اللهُ السَّجعَ والجناسَ والطِّباقَ والمقابلةَ والتَّربيعَ والتَّخميسَ وغيرَ ذلكَ مِن أساليبِ الصَّنعةِ، حتَّى إذا ما قَضى وطرَهُ مِن الشُّروحِ العلميَّةِ الدَّقيقةِ والأبحاثِ الفقهيَّةِ الرَّصينةِ، اسْتَثْمَرَ تلكَ الأساليبَ أحسنَ استثمارٍ في تزيينِ العباراتِ الوعظيَّةِ الرَّقيقةِ التي يورِدُها آخرَ المجلس فأكْسَبَها أمواجًا عاطفيَّةً دفَّاقةً محبَّبةً إلى الأسماعِ سريعةَ الانزلاقِ على الألسنةِ بالغةَ التَّأَثيرِ في القلوبِ.
٣) ويَحْتَفِلُ ابنُ رَجَبٍ احتفالًا بالغًا بالأدلَّةِ العلميَّةِ، فلا يَكادُ يورِدُ قضيَّةً إلَّا ويُتْبِعُها بسيلٍ مِن النُّصوصِ القرآنيَّةِ والحديثيَّةِ وآثارِ السَّلفِ الصَّالحِ وأقوالِ أصحابِ المذاهبِ، ولا يَكادُ يَنْتَهي إلى حكمٍ إلَّا بعدَ استقصاءِ مذاهبِ أهلِ العلمِ في المسألةِ وإيرادِ أدلَّتِهِم ومناقشتِها وترجيحِ أقواها … وقد تَواتَرَ هذا كثيرًا حتَّى تَجاوَزَتِ النُّصوصُ القرآنيَّةُ في هذا الكتابِ ٥٠٠ نصٍّ والنُّصوصُ الحديثيَّةُ ١٥٠٠ نصٍّ.
* حول الشواهد:
وعلى كثرةِ الشواهدِ يُمْكِنُ أنْ أُسَجِّلَ عليها الملاحظاتِ التَّاليةَ:
١) الأحاديثُ المرفوعة في رأْسِ المجلسِ التي تَتَفَرَّعُ منها عناصرُ المجلسِ هيَ