للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَنْتَظِرُ بعدَ هذا الخبرِ إلَّا أنْ يَأْتِيَكَ اليقين. يا مَن ذنوبُهُ بعددِ الشَّفعِ والوترِ! أما تَسْتَحي مِن الكرامِ الكاتبين؟ أم أنتَ ممَّن يُكَذِّبُ بالدِّين؟ يا مَن ظلمةُ قلبِهِ كالليلِ إذا يَسْري! أما آنَ لقلبِكَ أنْ يَسْتَنيرَ أو يَلين؟ تَعَرَّضْ لنفحاتِ مولاكَ في هذا العشر؛ فإنَّ للهِ فيهِ نفحاتٍ يُصيبُ بها مَن يَشاءُ، فمَن أصابَتْهُ سَعِدَ بها آخرَ الدَّهر.

جَنَحَتْ شَمْسُ حَياتي … وَتَدَلَّتْ لِلْغُروبِ

وَتَوَلَّى لَيْلُ رَأْسي … وَبَدا فَجْرُ المَشيبِ

رَبِّ خَلَّصْني فقَدْ لَجْـ … ــجَجْتُ في بَحْرِ الذُّنوبِ

وَأنِلْني العَفْوَ يا أقْـ … ــرَبَ مِنْ كُلِّ قَريبِ

المجلس الثاني

في فضل يوم عرفة مع عيد النحر

في الصَّحيحينِ (١): عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ؛ أنَّ رجلًا مِن اليهودِ قالَ لهُ: يا أميرَ المؤمنينَ! آيةٌ في كتابِكُم، لو علينا معشرَ اليهودِ نَزَلَتْ؛ لاتَّخَذْنا ذلكَ اليومَ عيدًا. فقالَ: أيُّ آيةٍ؟ قالَ: {اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينكُمْ وَأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا} [لمائدة: ٣]. فقالَ عُمَرُ: إنِّي لأعلمُ اليومَ الذي نَزَلَتْ فيهِ والمكانَ الذي نَزَلَتْ فيهِ، نَزَلَتْ ورسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قائمٌ بعرفةَ يومَ جمعةٍ (٢).

وخَرَّجَ التَّرْمِذِيُّ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ نحوَهُ، وقالَ فيهِ: نَزَلَتْ في يومِ عيدٍ مِن يومِ جمعةٍ


(١) البخاري (٢ - الإيمان، ٣٣ - زيادة الإيمان ونقصانه، ١/ ١٠٥/ ٤٥)، ومسلم (٥٤ - التفسير، ٤/ ٢٣١٢ / ٣٠١٧).
(٢) زاد في حاشية خ في هذا الموضع:"قال البغوي رحمه الله في قوله {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}: نزلت هذه الآية يوم الجمعة يوم عرفة بعد العصر في حجّة الوداع والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - واقف بعرفات على ناقته العضباء، فكادت عضد الناقة تندقّ من ثقلها وبركت. قال ابن عبّاس: كان ذلك اليوم خمسة أعياد جمعة وعرفة وعيد اليهود والنصارى والمجوس، ولم يجتمع أعياد أهل الملل في يوم قبله ولا بعده. وروي أنّه لمّا نزلت هذه الآية بكى عمر، قال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "ما يبكيك يا عمر؟ ". فقال: أبكاني أنّنا كنّا في زيادة من ديننا، فأمّا إذ كمل فإنّه لم يكمل شيء إلَّا نقص. قال: صدقت. فكانت هذه الآية نعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعاش بعدها أحدًا وثمانين يومًا. انتهى كلامه". اهـ.

<<  <   >  >>