للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[[مقدمة المصنف]]

• بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، وبهِ ثقتي.

الحمدُ للهِ الملكِ القهَّار، العزيزِ الجبَّار، الرَّحيمِ الغفَّار، مقلِّبِ القلوبِ والأبصار، مقدِّرِ الأُمورِ كما يَشاءُ ويَخْتار، مكوِّرِ النَّهارِ على الليلِ ومكوِّرِ الليلِ على النَّهار. أسْبَلَ ذيلَ الليلِ فأظْلَمَ للسُّكونِ والاستتار، وأنارَ منارَ النَّهارِ فأضاءَ للحركةِ والانتشار، وجَعَلَهُما مواقيتَ للأعمالِ ومقاديرَ للأعمار. وسَخَّرَ الشَّمسَ والقمرَ يَجْرِيانِ بحسبانٍ ومقدار، ويَعْتَقِبانِ في دارةِ الفَلَكِ الدَّوَّارِ على تعاقبِ الأدوار، وجَعَلَهُما معالمَ تُعْلَمُ بهِما أوقاتُ الليالي والأيَّامِ والشُّهورِ والأعوامِ في هذهِ الدَّار، ويُهْتَدى بهِما إلى ميقاتِ الصَّلاةِ والزَّكاةِ والحجِّ والصِّيامِ والإفطار؛ حجَّهً قائمةً قاطعةً للأعذار، وحكمةً بالغةً مِن حكيمٍ عليمٍ ذي اقتدار (١). أحْمَدُهُ وحلاوةُ محامدِهِ تَزْدادُ معَ التكرار، وأشْكُرُهُ وفضلُهُ على مَن شَكَرَ مدرار.

وأشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ شهادةً تُبَرِّئُ قائلَها مِن الشِّركِ بصحَّةِ الإقرار وتُبَوِّئُ قائلَها دارَ القرار.

وأشْهَدُ أن مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ؛ البدرُ جبينُهُ إذا سُرَّ اسْتَنار، واليمُّ يمينُهُ فإذا سُئِلَ أعطى عطاءَ مَن لا يَخْشى الإقتار، والحنيفيَّةُ دينُهُ الدِّينُ القيِّمُ المختار، رَفَعَ اللهُ ببعثِهِ عن أُمَّتِهِ الأغلالَ والآصار، وكَشَفَ بدعوتِهِ أذى البصائرِ (٢) وقذى الأبصار، وفَرَّقَ


(١) لاحظ حسن المطلع ومناسبته لموضوع الكتاب.
(٢) كذا قال متابعة للجناس اللفظيّ، ولو قال "عمى البصائر"؛ لكان أبلغ في الدلالة على الحقيقة؛ فإنّ بصائر الخلق جميعًا عربهم وعجمهم كانت في عمى حقيقيّ قبل مجيئه - صلى الله عليه وسلم -. ومن هنا عزف المحدثون من أهل الأدب عن الجناس والسجع ونحوه ووصفوه بالصنعة اللفظيّة واتّهمهوه بتعسير الطريق وتطويله.

<<  <   >  >>