للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[وظيفة شهر رجب]

خَرَّجا في الصَّحيحينِ (١) مِن حديثِ أبي بَكْرَةَ: أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ في حَجَّةِ الوداع فقالَ في خطبتِهِ: "إنَّ الزَّمانَ قدِ اسْتَدارَ كهيئتِهِ يومَ خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ والأرضَ، السَّنة اثنا عَشَرَ شهرًا، منها أربعة حرمٌ: ثلاثة متوالياتٌ؛ ذو القَعْدَةِ وذو الحِجَّةِ والمحرَّمُ، ورجبُ مُضَرَ الذي بينَ جُمادى وشعبانَ … " وذَكَرَ الحديثَ.

• قالَ اللهُ تَعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: ٣٦]. فأخْبَرَ سبحانَهُ أنَّهُ منذُ خَلَقَ السَّماواتِ والأرضَ، وخَلَقَ الليلَ والنَّهارَ يَدورانِ في الفلكِ، وخَلَقَ ما في السَّماءِ مِن الشَّمسِ والقمرِ والنُّجومِ، وجَعَلَ الشَّمسَ والقمرَ يَسْبَحانِ في الفَلَكِ [فـ]ـينْشَأُ منهُما ظلمةُ الليلِ وبياضُ النَّهارِ؛ فمِن حينئذٍ جَعَلَ السَّنةَ اثني عشرَ شهرًا بحسبِ الهلالِ.

فالسَّنةُ في الشَّرعِ مقدَّرة بسيرِ القمرِ وطلوعِهِ لا بسيرِ الشَّمسِ وانتقالِها كما يَفْعَلُهُ أهلُ الكتابِ.

وجَعَلَ [اللهُ تَعالى] مِن هذهِ الأشهرِ أربعةَ أشهرٍ حرمًا، وقد فَسَّرَها النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديثِ، وذَكَرَ أنَّها ثلاثةٌ متوالياتٌ؛ ذو القَعْدَةِ وذو الحِجَّةِ ومُحَرَّمٌ، وواحدٌ فردٌ وهوَ شهر رجبٍ. وهذا قد يَسْتَدِلُّ بهِ مَن يَقولُ: إنَّها مِن سنتينِ. وقد رُوِيَ مِن حديثِ ابن عُمَرَ مرفوعًا: "أوَّلُهُنَ رجبٌ" (٢)، وفي إسناده موسى بنُ عُبَيْدَةَ، وفيهِ ضعفٌ شديدٌ


(١) البخاري (٢٥ - الحجّ، ١٣٢ - الخطبة أيّام منى، ٣/ ٥٧٣/ ١٧٤١)، ومسلم (٢٨ - القسامة، ٩ - تغليظ تحريم الدماء، ٣/ ١٣٠٥/ ١٦٧٩).
(٢) (منكر). رواه: ابن جرير (١٦٦٩٩)، وابن المنذر (التوبة ٣٦ - الدرّ)، وابن أبي حاتم (١٠٠٩٦) =

<<  <   >  >>