للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمَّا دُفِنَ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَتْ فاطِمَةُ: كيفَ طابَتْ أنفسُكُم أنْ تَحْثوا على رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - التُّرابَ؟!

قالَ أنَسٌ: لمَّا كانَ اليومُ الذي دَخَلَ فيهِ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ؛ أضاءَ منها كلُّ شيءٍ، فلمَّا كانَ اليومُ الذي دُفِنَ فيهِ، أظْلَمَ منها كلُّ شيءٍ، وما نَفَضْنا التُّرابَ (١) عن رسولِ اللهِ [- صلى الله عليه وسلم -]، وإنَّا لفي دفنِهِ، حتَّى أنْكَرْنا قلوبَنا.

لِيَبْكِ رَسولَ اللهِ مَنْ كانَ باكِيًا … فَلا تَنْسَ قَبْرًا بِالمدينةِ ثاوِيا

جَزى اللهُ عَنَّا كُلَّ خَيْرٍ مُحَمَّدًا … فَقَدْ كانَ مَهْدِيًّا وَقَدْ كانَ هادِيا

وَكانَ رَسولُ اللهِ رَوْحًا وَرَحْمَةً … وَنورًا وَبُرْهانًا مِنَ اللهِ بادِيا

وَكانَ رَسولُ اللهِ بِالخَيْرِ آمِرًا … وَكانَ عَنِ الفَحْشاءِ والسُّوءِ ناهِيا

وَكانَ رَسولُ اللهِ بِالقِسْطِ قائِمًا … وَكانَ لِما اسْتَرْعاهُ مَوْلاهُ راعِيا

وَكانَ رَسولُ اللهِ يَدْعو إلى الهُدى … فَلَبَّى رَسولُ اللهِ لَبَّيْهِ داعِيا

أيُنْسى أبَرُّ النَّاسِ بِالنَّاسِ كُلِّهِمْ … وَأكْرَمُهُمْ بَيْتًا وَشِعْبًا وَوادِيا

أيُنْسى رَسولُ اللهِ أكْرَمُ مَن مَشى … وَآثارُهُ بِالْمَسْجِدَيْنِ كَما هِيا

تكدَّرَ مِنْ بَعْدِ النَّبِي مُحَمَّدٍ … عَلَيْهِ سَلامٌ كُلُّ ما (٢) كانَ صافِيا

رَكَنَّا إلى الدُّنْيا الدَّنِيَّةِ بَعْدَهُ … وَكَشَّفَتِ الأطْماعُ مِنَّا مَساوِيا

وَكَمْ مِنْ مَنارٍ كانَ أوْضَحَهُ لَنا … وَمِنْ عَلَمٍ أمْسى وَأصْبَحَ عافِيا

إذا المَرْءُ لَمْ يَلْبَسْ ثِيابًا مِنَ التُّقى … تَقَلَّبَ عُرْيانًا وَلَوْ كانَ كاسِيا

[وَخَيْرُ خِصالِ المَرْءِ طاعَةُ رَبِّهِ … وَلا خَيْرَ فيمَنْ كانَ للهِ عاصِيا]

* * *


(١) في م ون وط: "وما نفضنا أيدينا".
(٢) كذا في خ وم ون، وفي ط نقلًا عن إحدى النسخ: "عليه سلام الله".

<<  <   >  >>