وَمَنْ ذا الذي لَيْسَ يَرْجُوكَ رَبِّ … وَرَبْعُ عَطائِكَ رَحْبُ الفِناءِ
[المجلس الثاني في [ذكر] فصل الصيف]
خَرَّجا في الصَّحيحينِ (١) مِن حديثِ: أبي هُرَيْرَةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ:"اشْتكتِ النَّارُ إلى ربِّها فقالَتْ: يا ربِّ! أكَلَ بعضي بعضًا، فأذِنَ لها بنَفَسَيْنِ؛ نفسٍ في الشِّتاءِ، ونفسٍ في الصَّيفِ، فأشدُّ ما تَجِدونَ مِن الحرِّ مِن سمومِ جهنَّمَ، وأشدُّ ما تَجِدونَ مِن البردِ مِن زمهريرِ جهنَّمَ".
• لا شك أن الله تَعالى خَلَقَ لعبادِهِ دارينِ يَجْزيهِم فيهِما بأعمالِهِم معَ البقاءِ في الدَّارينِ مِن غيرِ موتٍ. وخَلَقَ دارًا معجَّلةً للأعمالِ، وجَعَلَ فيها موتًا وحياةً، وابْتَلى عبادَهُ فيها بما أمَرَهُم بهِ ونَهاهُم عنهُ، وكَلَّفَهُم فيها الإيمانَ بالغيبِ، ومنهُ الإيمانُ بالجزاءِ والدَّارينِ المخلوقتينِ لهُ، وأنْزَل بذلكَ الكتبَ وأرْسَلَ بهِ الرُّسلَ وأقامَ الأدلَّةَ الواضحةَ على الغيبِ الذي أمَرَ بالإيمانِ بهِ، وأقامَ علاماتٍ وأماراتٍ تَدُلُّ على وجودِ داريِ الجزاءِ؛ فإنَّ إحدى الدَّارينِ المخلوقتينِ للجزاءِ دارُ نعيمٍ محضٍ لا يَشوبُهُ ألمٌ، والأُخرى دارُ عذابٍ محضٍ لا يَشوبُهُ راحةٌ، وهذهِ الدَّارُ الفانيةُ ممزوجةٌ بالنَّعيمِ والألمِ،