للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاءَ في حديثٍ مرفوعٍ: "يَخْرُجُ الصَّائمونَ مِن قبورِهِم يُعْرَفونَ بريحِ صيامِهِم، أفواهُهُم أطيبُ مِن ريحِ المسكِ" (١).

وَهَبْني كَتَمْتُ السِّرَّ أوْ قُلْتُ غَيْرَهُ … أتَخْفى عَلى أهْلِ القُلوبِ السَّرائِرُ

أبَى ذاكَ أن السِّرَّ في الوَجْهِ ناطِقٌ … وَأنَّ ضَميرَ القَلْبِ في العَيْنِ ظاهِرُ

[الفصل الثاني: في فضل قيام الليل]

• وقد دَلَّ حديثُ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ هذا على أنَّهُ أفضلُ الصَّلاةِ بعدَ المكتوبةِ.

وهل هوَ أفضلُ مِن السُّننِ الرَّاتبةِ؟ فيهِ خلافٌ سَبَقَ ذكرُهُ (٢).

وقال ابنُ مَسْعودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: فضلُ صلاةِ الليلِ على صلاةِ النَّهارِ كفضلِ صدقةِ السِّرِّ على صدقةِ العلانيةِ (٣). وخَرَّجَهُ الطَّبَرانِيُّ عنهُ مرفوعًا، والمحفوظُ وقفُهُ.


(١) (ضعيف جدًّا). رواه: أبو الشيخ في "الثواب"، وعنه الرافعي في "التدوين" (٢/ ٣٢٦)؛ من طريق عبد الصمد بن عبد العزيز، عن حماد بن عمر، عن النضير بن حميد، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس … رفعه.
وهذا سند واهٍ بمرّة: حمّاد بن عمر: الغالب أنه محرف عن حماد بن عمرو، وهو النصيبي، متروك متّهم. والنضير بن حميد: الغالب أنّه محرّف عن النضر بن حميد، متروك منكر الحديث.
(٢) فانظره فيما تقدّم (ص ٨٧).
(٣) (صحيح موقوفًا ورفعه شاذّ). رواه: ابن صاعد في "زوائد الزهد" (٢٥)، والطبراني (١٠/ ١٧٩/ ١٠٣٨٢)، وأبو الشيخ في "الطبقات" (٣/ ٤٥٥)، وأبو نعيم في "الحلية" (٤/ ١٦٧، ٥/ ٣٦ و ٢٣٨)، والبيهقي في "الشعب" (٣٠٩٨)؛ من طريق مخلد بن يزيد، ثنا الثوري، عن زبيد اليامي، عن مرّة بن شراحيل، عن ابن مسعود … رفعه.
وهاهنا علل ثلاث: أولاها: أنّ مخلد بن يزيد هذا صدوق له أوهام. والثانية: أنّه خولف فرواه: عبد الرزّاق (٤٧٣٥)، والطبراني (٩/ ٢٠٥/ ٨٩٩٩)؛ من طريق عبد الرزاق، عن الثوري، عن زبيد، عن مرة، عن ابن مسعود … موقوفًا. وعبد الرزاق ثقة ثبت إمام، فقوله أرجح. والثالثة: أنّ الثوريّ توبع على وقفه فرواه: ابن المبارك في "الزهد" (٢٣) وأبو نعيم في "الحلية" (٤/ ١٦٦) من طريق شعبة، وابن أبي شيبة (٦٦٠٩) وأبو نعيم (٧/ ٢٣٨) والبيهقي (٢/ ٥٠٢) من طريق مسعر بن كدام، والطبراني (٩/ ٢٠٥/ ٨٩٩٨) وأبو نعيم (٤/ ١٦٦، ٥/ ٣٦) من طريق منصور بن المعتمر، وابن أبي شيبة (٣٤٥٤٢) من طريق ليث بن أبي سليم؛ أربعتهم عن زبيد، عن مرة، عن ابن مسعود … موقوفًا. وشعبة ومسعر ومنصور أئمّة جبال تتابعوا على الوقف، فالقول قولهم. ومن هنا يظهر أن تحسين المنذري للمرفوع وقول الهيثمي (٢/ ٢٥٤) "رجاله ثقات" لا يخلو من تساهل، وأنّ الصواب هنا قول البيهقي "قال أبو علي: لم يرفعه غير مخلد بن يزيد وأخطأ فيه =

<<  <   >  >>