للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"لطائف المعارف" غايةَ الوفاءِ، وقَدَّمَ كتابًا فذًّا نادرَ المثالِ، ولا واللهِ؛ ما مَرَّ بي - على كثرةِ المصنَّفاتِ في هذا البابِ - كتابٌ على هذا الحسنِ في التَّبويبِ والرَّشاقةِ في العرضِ والتَّرتيبِ.

فحَرِيٌّ بطالبِ العلمِ أنْ لا يُخْلِيَ مكتبتَهُ مِن هذا السِّفرِ النَّفيسِ الجمِّ الفوائدِ، وأنْ يَشُدَّ عليهِ يدًا، ولا يَحْرِمَ نفسَهُ مِن العودةِ إليهِ بينَ الفينةِ والأُخرى للموعظةِ والادِّكارِ، فالنِّسيانُ آفةُ الإنسانِ مذ خَلَقَ اللهُ آدَمَ عليهِ السَّلامُ، وما منَّا إلَّا مقصِّرٌ موغلٌ في التَّقصيرِ عظيمُ الحاجةِ إلى موعظةٍ توقِظُهُ مِن نومِ الغفلةِ قبلَ أنْ يَسْتَيْقِظَ وهوَ في عسكرِ الموتى.

وحريٌّ بطلَّابِ العلمِ أنْ يَتَهادَوْا هذا السِّفرَ النَّفيسَ فيما بينَهُم بمناسبةٍ وبغيرِ مناسبةٍ كما يَتَهادى النَّاسُ الهدايا والتُّحفَ والجواهرَ والدُّررَ، وأنْ يَتَناصَحوا بالإقبالِ عليهِ درسًا ومراجعةً كلَّ حينٍ.

وحريٌّ بأهلِ الوعظِ والإرشادِ والخطابةِ أنْ يُقْبِلوا على هذا الكتابِ درسًا وفهمًا واستحفاظًا، ثمَّ يُغْنوا بهِ خطبَهُم ومجالسَهُم ويَبُثُّوا فوائدَهُ الجمَّةَ بينَ النَّاسِ كلًّا في مناسبتِهِ. وما أقلَّ الخطبَ المفيدةَ في هذهِ الأيَّامِ! وما أكثرَ الزَّبدَ الذي يَذْهَبُ جفاءً!

وحريٌّ بأساتذةِ المراحلِ الثَّانويَّةِ والجامعيّةِ أنْ يَحُثُّوا تلاميذَهُم على اقتناءِ هذا الكتابِ والانتفاعِ بما فيهِ مِن المطالبِ العاليةِ وإشاعتِها في بيوتِهِم وبينَ آبائِهِم وأمَّهاتِهِم وإخوانِهِم وأخواتِهِم.

وبالجملة؛ فلا أعْلَمُ مسلمًا على وجهِ الأرضِ - قلَّ علمُهُ أو كَثُرَ - إلَّا ولهُ في هذا الكتابِ حاجة حقيقيَّةٌ وفائدةٌ جمَّةٌ، وذلكَ لأنَّهُ جَمَعَ إلى عمومِ موضوعِهِ وجلالةِ فوائدِهِ حسنَ التَّبويبِ والتَّرتيبِ وسهولةَ الأخذِ والتَّناولِ وعمقَ الأثرِ …

هذا؛ وقد آنَ أنْ تُبْحِرَ وحدَكَ في هذا البحرِ الزَّاخرِ وتَفْتَحَ بنفسِكَ أصدافَهُ وتَقِفَ على دررِهِ ولا بدَّ أنَّكَ واجدٌ ما وَجَدْتُهُ وموقنٌ بصدقِ قولي وأنَّني ما أطْنَبْتُ ولا بالَغْتُ في وصفِهِ.

* * * * *

<<  <   >  >>