للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويومِ عرفةَ (١).

• العيدُ هوَ موسمُ الفرحِ والسُّرورِ، وأفراحُ المؤمنينَ وسرورُهُم في الدُّنيا إنَّما هوَ بمولاهُم إذا فازوا بإكمالِ طاعتِهِ وحازوا ثوابَ أعمالِهِم بوثوقِهِم بوعدِهِ لهُم عليها بفضلِهِ ومغفرتِهِ، كما قالَ تَعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعونَ} [يونس: ٥٨].

قالَ بعضُ العارفينَ: ما فَرِحَ أحدٌ بغيرِ اللهِ إلَّا بغفلتِـ[ـهِ] عنِ اللهِ.

فالغافلُ يَفْرَحُ بلهوِهِ وهواهُ، والعاقلُ يَفْرَحُ بمولاهُ.

وأنْشَدَ سَمْنونُ في هذا المعنى:

وكانَ فُؤادي خالِيًا قَبْلَ حُبِّكُمْ … وَكانَ بِذِكْرِ الخَلْقِ يَلْهو وَيَمْرَحُ

فَلَمَّا دَعا قَلْبي هَواكَ أجابَهُ … فَلَسْتُ أراهُ عَنْ فِنائِكَ يَبْرَحُ

رُمِيتُ بِبُعْدٍ مِنْكَ إنْ كُنْتُ كاذِبًا … وَإنْ كُنْتُ في الدُّنيا بِغَيْرِكَ أفْرَحُ

وَإنْ كانَ شيءٌ في البِلادِ بِأسْرِها … إذا غِبْتَ عَنْ عَيْنِي لِعَيْنِيَ يَمْلُحُ

فَإنْ شِئْتَ واصِلْني وَإنْ شِئْتَ لا تَصِلْ … فَلَسْتُ أرى قَلْبي لِغَيْرِكَ يَصْلُحُ

لمَّا قَدِمَ النَبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ؛ كانَ لهُم يومانِ يَلْعَبونَ فيهِما، فقالَ: "إنَّ اللهَ قد أبْدَلَكُم يومينِ خيرًا منهُما؛ يومَ الفطرِ والأضحى" (٢). فأبْدَلَ اللهُ هذهِ الأُمَّةَ بيومي اللعبِ


(١) (حسن صحيح). رواه: الطيالسي (٢٧٠٩)، وعبد بن حميد (المائدة ٣ - الدرّ)، والترمذي (٤٨ - التفسير، ٦ - سورة المائدة، ٥/ ٢٥٠/ ٣٠٤٤)، وابن نصر في "تعظيم الصلاة" (٣٥٤)، والطبري في "التفسير" (١١١٠١ - ١١١٠٣)، والطبراني (١٢/ ١٤٣/ ١٢٨٣٥)، والبيهقي في "الدلائل" (٥/ ٤٦٤)؛ من طريق حمّاد بن سلمة، عن عمّار بن أبي عمّار، عن ابن عبّاس … رفعه.
قال الترمذي:"حسن غريب من حديث ابن عبّاس وهو صحيح". وأقرّه السيوطي والألباني. قلت: أمّا أنّه حسن؛ فمن أجل حمّاد وعمّار صدوقان، وأمّا أنّه صحيح؛ فمن أجل شاهده المتقدّم قبله.
(٢) (صحيح). رواه: أحمد (٣/ ١٠٣ و ١٧٨ و ٢٣٥ و ٢٥٠)، وعبد بن حميد (١٣٩٢)، وأبو داوود (٢ - الصلاة، ٢٤٥ - العيدين، ١/ ٣٦٤/ ١١٣٤)، والنسائي في "الكبرى" (١٧٥٥) و"المجتبى" (٥ - العيدين، ١ - باب، ٣/ ١٧٩/ ١٥٥٥)، وأبو يعلى (٣٨٢٠ و ٣٨٤١)، والفريابي في "العيدين" (١)، والطحاوي في "المعاني" (٢/ ٢١١)، والحاكم (١/ ٢٩٤)، والبيهقي في "السنن" (٣/ ٢٧٧) و"الشعب" (٣٧٠٩ و ٣٧١٠)، والبغوي في "السنّة" (١٠٩٨)، والضياء في "المختارة" (٥/ ٢٧٤/ ١٩٠٨ - ١٩١٢)، والرافعي في "التدوين" (٣/ ١٣٧)؛ من طرق، عن حميد، عن أنس … رفعه.

<<  <   >  >>