للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واللهوِ يومي الذِّكرِ والشُّكرِ والمغفرةِ والعفوِ.

• ففي الدُّنيا للمؤمنينَ ثلاثةُ أعيادٍ: عيدٌ يَتكَرَّرُ كلَّ أُسبوعٍ، وعيدانِ يَأْتِيانِ في كلِّ عامٍ مّرَةً مرَّةً مِن غيرِ تكرُّرٍ في السَّنهِ.

* فأمَّا العيدُ المتكرِّرُ؛ فهوَ يومُ الجمعةِ، وهوَ عيدُ الأُسبوعِ، وهوَ مترتِّبٌ على إكمالِ الصَّلواتِ المكتوباتِ؛ فإنَّ اللهَ تَعالى فَرَضَ على المؤمنينَ في كلِّ يومٍ وليلةٍ خمسَ صلواتٍ، وأيَّامُ الدُّنيا تَدورُ على سبعةِ أيَّامٍ، فكلَّما كَمَلَ دورُ أُسبوعٍ مِن أيَّامِ الدُّنيا واسْتكْمَلَ المسلمونَ صلواتِهِم فيهِ؛ شُرِعَ لهُم في يومِ استكمالِهِم - وهوَ اليومُ الذي كَمَلَ فيهِ الخلقُ، وفيهِ خُلِقَ آدَمُ وأُدْخِلَ الجنَّةَ وأُخْرِجَ منها (١)، وفيهِ يَنْتَهي أمدُ الدُّنيا فتَزولُ وتَقومُ السَّاعةُ، وسُمِّيَ يومَ الجمعةِ للاجتماعِ على سماعِ الذِّكرِ والموعظةِ وصلاةِ الجمعةِ، وجُعِلَ ذلكَ لهُم عيدًا، ولهذا نُهِيَ عن إفرادِهِ بالصِّيامِ (٢).

وفي شهودِ الجمعةِ شبهٌ مِن الحجِّ، ورُوِيَ أنَّها حجُّ المساكينِ (٣).

وقالَ سَعيدُ بنُ المُسَيَّبِ: شهودُ الجمعةِ أحبُّ إليَّ مِن حجَّةٍ نافلةٍ.

والتَّبكيرُ إليها يَقومُ مقامَ الهديِ على قدرِ السَّبقِ، فأوَّلُهُم كالمُهدي بدنةً ثمَّ بقرةً ثمَّ


= وهاهنا أكثر من طريق قويّة إلى حميد، وصرّح حميد بسماعه من أنس في بعض الطرق القويّة، فالسند صحيح، وقد صحّحه الحاكم وعبد الحقّ والبغوي والمنذري والذهبي والعسقلاني والألباني.
(١) في حاشية خ: "في مسلم: عن أبي هريرة قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فقال: "خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبثّ فيها الدوابّ يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر في يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل". قال البغوي: قال قوم في قوله تعالى {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}: معناه: خلق آدم من تعجّل في خلق الله إيّاه؛ لأنّه خلقه بعد كلّ شيء في آخر النهار يوم الجمعة، فأسرع في خلقه قبل مغيب الشمس. قال مجاهد: فلمّا أحيا الروح رأسه؛ قال: يا ربّ! استعجل بخلقي قبل غروب الشمس. وقيل: بسرعة وتعجيل على غير ترتيب خلق الآدميّين من النطفة والعلقة. وقال خلق: معناه أنّ بنيته وخلقه من عجلة وعليها طبع لقوله {وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا}. قال سعيد بن جبير والسدّيّ: لمّا خلق الروح في رأس آدم وعينيه؛ نظر إلى ثمار الجنّة، فلمّا دخلت في جوفه؛ اشتهى الطعام، فوثب قبل أن يبلغ الروح إلى رجليه عجلان إلى ثمار الجنّة، فوقع، فقيل: خلق الإنسان من عجل" اهـ.
(٢) وفيه عدّة أحاديث، بعضها من مخرّجات الصحيحين.
(٣) (موضوع). تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٥٥٤).

<<  <   >  >>