للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إخواني! اجْتَنِبوا الذُّنوبَ التي تَحْرِمُ العبدَ مغفرةَ مولاهُ الغفَّار في مواسمِ الرَّحمةِ والتَّوبةِ والاستغفار. أمَّا الشِّركُ؛ فإنَّهُ {مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: ٧٢]. وأمَّا القتلُ؛ فلوِ اجْتَمَعَ أهلُ السَّماواتِ و [أهلُ] الأرضِ على قتلِ رجلٍ مسلمٍ بغيرِ حقٍّ؛ لأكَبَّهُمُ اللهُ جميعًا في النَّار. وأمَّا الزِّنى؛ فحذارِ حذارِ مِن التَّعرُّضِ لسخطِ الجبَّار، الخلقُ كلُهُم عبيدُهُ وإماؤهُ واللهُ يَغار، لا أحدَ أغيرُ مِن اللهِ أنْ يَزْنِيَ عبدُهُ أو تَزْني أمَتُهُ فمِن أجلِ ذلكَ حَرَّمَ الفواحشَ وأمَرَ بغضِّ الأبصار. وأمَّا الشَّحناءُ؛ فيا مَن أضْمَرَ لأخيهِ السُّوءَ وقَصَدَ لهُ الإضرار! {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} [إبراهيم: ٤٢]، يَكْفيكَ حرمانُ المغفرةِ في أوقاتِ مغفرةِ الأوزار.

خابَ عَبْدٌ بارَزَ المَوْ … لَى بِأسْبابِ المَعاصي

وَيْحَهُ مِمَّا جَناهُ … لَمْ يَخَفْ يَوْمَ القِصاصِ

يَوْمَ فيهِ تَرْعَدُ الأقْـ … دامُ مِنْ شَيْبِ النَّواصي

لي ذُنوبٌ في ازْدِيادٍ … وَحَياةٌ في انْتِقاصِ

فَمَتى أعْمَلُ ما أعـ … لَمُ لي فيهِ خَلاصي

وقد رُوِيَ عن عِكْرِمَةَ وغيرِهِ مِن المفسِّرينَ في قولِهِ تَعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: ٤]؛ أنَّها ليلةُ نصفِ شعبانَ! والجمهورُ [على] أنَّها ليلةُ القدرِ. وهوَ الصَّحيحُ.

وقالَ عَطاءُ بنُ يَسارٍ: إذا كانَ ليلةُ النِّصفِ مِن شعبانَ؛ دُفِعَ إلى ملَكِ الموتِ صحيفةٌ، فيُقالُ: اقْبِضْ روحَ مَن في هذهِ الصَّحيفةِ؛ فإنَّ العبدَ لَيَغْرِسُ الغراسَ ويَنْكِحُ الأزواجَ ويَبْني البُنيانَ وإنَّ اسمَهُ قد نُسِخَ في الموتى، ما يَنْتَظِرُ بهِ ملَكُ الموتِ إلَّا أنْ يُؤْمَرَ بهِ فيَقْبِضَهُ (١).

يا مغرورًا بطولِ الأمل! يا مسرورًا بسوءِ العمل! كُنْ مِن الموتِ على وَجَل، فما


(١) تقدّم أنّ ما ورد في هذا من المرفوعات منكر.

<<  <   >  >>