للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِن سَرَرِ هذا الشَّهرِ شيئًا؟ ". قالَ: لا. قالَ: "فإذا أفْطَرْتَ فصُمْ يومينِ". وفي روايةٍ للبُخارِيِّ: أظُنُّهُ يَعْني رمضانَ (١). وفي رواية لمسلمٍ وعَلَّقَها البُخارِيُّ: "هل صُمْتَ مِن سَرَرِ شعبانَ شيئًا؟ ". وفي روايةٍ: "فإذا أفْطَرْتَ مِن رمضانَ؛ فصُمْ يومينِ مكانَهُ". وفي روايةٍ: يومًا أو يومينِ. شَكَّ شُعْبَةُ (٢). ورُوِيَ: "مِن سِرارِ [هذا] الشَّهرِ" (٣).

• وقدِ اخْتُلِفَ في تفسيرِ السِّرارِ:

* والمشهورُ أنَّهُ آخرُ الشَّهرِ، يُقالُ: سِرارُ الشَّهرِ وسَرارُهُ؛ بكسرِ السِّينِ وفتحِها، ذَكَرَهُ ابنُ السِّكِّيتِ وغيرُهُ. وقيلَ: إنَّ الفتحَ أفصحُ. قالَهُ الفَرَّاءُ. وسُمِّيَ آخرُ الشَّهرِ سِرارًا لاستسرارِ القمرِ فيهِ. وممَّن فَسَّرَ السِّرارَ بآخرِ الشَّهرِ أبو عُبَيْدٍ وغيرُهُ مِن الأئمَّةِ. وكذلكَ بَوَّبَ عليهِ البُخارِيُّ صيامَ آخرِ الشَّهرِ.

وأشْكَلَ هذا على كثيرٍ مِن العلماءِ؛ فإنَّ في الصَّحيحينِ أيضًا (٤): عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ [قالَ]: "لا تَقَدموا رَمضانَ بيومٍ أو يومينِ؛ إلَّا مَن كانَ يَصومُ صومًا فلْيَصُمْهُ".

فقالَ كثيرٌ مِن العلماءِ - كأبي عُبَيْدٍ ومَن تابَعَهُ كالخَطَّابِيِّ وأكثرِ شرَّاحِ الحديثِ -: إنَّ هذا الرَّجلَ الذي سَألَهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَعْلَمُ أن لهُ عادةً بصيامِهِ أو كانَ قد نَذَرَهُ، فلذلكَ أمَرَهُ بقضائِهِ (٥).

وقالَتْ طائفةٌ: حديثُ عِمْرانَ يَدُلُّ على أنَّهُ يَجوزُ صيامُ يومِ الشَّكِّ وآخرِ شعبانَ مطلقًا، سواءٌ وافَقَ عادةً أو لم يُوافِقْ، وإنَّما يُنْهى عنهُ إذا صامَهُ بنيَّةِ الرَّمضانيَّةِ احتياطًا.


(١) جاء هذا الظنّ من بعض الرواة عند البخاري لا من البخاري نفسه: فإن أراد بظنّه "أصمت من سرر رمضان شيئًا؟؛ فشذوذ يخالف جمهور رواة هذا الحديث وخطأ ظاهر لأنّ صيام رمضان جميعه متعيّن. وإن أراد بظنّه "فإذا أفطرت من رمضان فصم"؛ فصحيح يلتئم مع سائر روايات الحديث.
(٢) وهذه الروايات كلّها عندهما في الموضع السابق نفسه.
(٣) هذه الرواية عند أحمد في "المسند" (٤/ ٤٣٢ و ٤٣٤ و ٤٤٢) بأسانيد صحيحة عن عمران.
(٤) البخاري (٤/ ١٢٨/ ١٨١٥ - فتح)، ومسلم (١٠٨٢)؛ من حديث أبي هريرة.
(٥) يعني: فلمّا سمع هذا الصحابيّ نهي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن تقدّم رمضان بصوم يوم أو يومين؛ ترك ما اعتاده من صيام يوم أو يومين أو ثلاثة آخر كلّ شهر حتّى لا يقع في تقدّم رمضان المحظور، فأمره النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يقضي هذه الأيّام إذا أفطر من رمضان ليكون عمله ديمة.

<<  <   >  >>