للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قولُ أبي حَنِيفَةَ. وقيلَ: يُطْعِمُ ولا يَقْضي، وهوَ ضعيفٌ (١)،

• وقد قيلَ في صومِ شعبانَ معنًى آخرُ، وهوَ أن صيامَهُ كالتَّمرينِ على صيامِ رمضانَ، لئلَّا يَدْخُلَ في صيامِ رمضانَ على مشقَّةٍ وكلفةٍ، بل يَكونُ قد تَمَرَّنَ على الصِّيامِ واعْتادَهُ ووَجَدَ بصيامِ شعبانَ قبلَهُ حلاوةَ الصِّيامِ ولذَّتَهُ، فيَدْخُلُ في صيامِ رمضانَ بقوَّةٍ ونشاطٍ.

ولمَّا كانَ شعبانُ كالمقدِّمةِ لرمضانَ؛ شُرِعَ فيهِ ما يُشْرَعُ في رمضانَ مِن الصِّيامِ وقراءةِ القرآنِ؛ لِيَحْصُلَ التَّأهُّبُ لِتَلَقِّي رمضان وتَرْتاضَ النُّفوسُ بذلكَ على طاعةِ الرَّحمنِ.

رُوِّينا بإسنادٍ ضعيفٍ عن أنَسٍ، قالَ: كانَ المسلمونَ إذا دَخَلَ شعبانُ، أكَبُّوا على المصاحفِ يَقْرَؤونَها، وأخْرَجوا زكاةَ أموالِهِم، تقويةً للضَّعيفِ والمسكينِ على صيامِ رمضانَ (٢).

وقالَ سَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ: كانَ يُقالُ: شهرُ شعبانَ شهرُ القرَّاءِ.

وكانَ حَبيبُ بنُ أبي ثابِتٍ إذا دَخَلَ شعبانُ قالَ: هذا شهرُ القرَّاءِ.

وكانَ عَمْرُو بنُ قَيْسٍ المُلائِيُّ إذا دَخَلَ شعبانُ أغْلَقَ حانوتَهُ وتَفَرَّغَ لقراءةِ القرآنِ.

قالَ الحَسَنُ بنُ سَهْلٍ: قالَ شعبانُ: يا ربِّ! جَعَلْتَني بينَ شهرينِ عظيمينِ فما لي؟ قالَ: جَعَلْتُ فيكَ قراءةَ القرآنِ.

يا مَن فَرَّطَ في الأوقاتِ الشَّريفةِ وضَيَّعَها وأوْدَعَها الأعمالَ السَّيِّئةَ، وبئسَ ما اسْتَوْدَعَها!

مَضى رَجَبٌ وما أحْسَنْتَ فيهِ … وهذا شَهْرُ شَعْبانَ المُبارَكْ


(١) لأنّه معارض لعموم قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، وهذا بيّن. وكذلك قول من ألزم المؤخّر الصيام والفدية معًا ضعيف من وجوه: أوّلها: أنّ الإلزام بالفدية تشريع لا بدّ فيه من دليل، ولا دليل. والثاني: أنّ الصيام بعد رمضان الثاني سدّ الدين وقضاه؛ فما الحاجة لهذه الفائدة الربويّة بعده؟! والثالث: أنّ طرد هذا الحكم أنّ من أخّر رمضانين عليه أن يدفع فديتين ومن أخّر عشرًا يدفع عشر فديات … وهكذا دواليك!
فالراجح المعتمد هنا قول من قال: يقضي ما أفطره ولا فدية عليه، وإن كان أساء وظلم بتأخيره.
(٢) (ضعيف). رواه يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس، ويزيد ضعيف منكر الحديث.

<<  <   >  >>