للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ جُوَيْبِرٌ: قُلْتُ للضَّحَّاكِ: أرَأيْتَ النُّفساءَ والحائضَ والمسافرَ والنَّائمَ لهُم في ليلةِ القدرِ نصيبٌ؟ قالَ: نعم، كلُّ مَن تَقَبَّلَ اللهُ عملَهُ سَيُعْطِيهِ نصيبَهُ مِن ليلةِ القدرِ.

إخواني! المعوَّلُ على القبولِ لا على الاجتهادِ، والاعتبارُ بسيرِ القلوبِ (١) لا بعملِ الأبدانِ.

ربَّ قائمٍ حظُّهُ مِن قيامِهِ السَّهرُ!

كم مِن قائمٍ محروم ومِن نائمٍ مرحوم! هذا نامَ وقلبُهُ ذاكر، وهذا قامَ وقلبُهُ فاجر.

إنَّ المَقاديرَ إذا ساعَدَتْ … ألْحَقَتِ النَّائِمَ بِالقائِمِ (٢)

لكنَّ العبدَ مأْمورٌ بالسَّعيِ في اكتسابِ الخيراتِ والاجتهادِ في الأعمالِ الصَّالحاتِ، وكلٌّ ميسَّرٌ لِما خُلِقَ لهُ، أمَّا أهلُ السَّعادةِ؛ فيُيَسَّرونَ لعملِ أهلِ السَّعادةِ، وَأَمَّا أهلُ الشَّقاوةِ؛ فيُيَسَّرونَ لعملِ أهلِ الشَّقاوةِ.

{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: ٥ - ١٠].

فالمبادرةَ المبادرةَ إلى اغتنامِ العملِ فيما بَقِيَ مِن الشَّهرِ، فعسى أنْ يُسْتَدْرَكَ بهِ ما فاتَ مِن ضياعِ العمرِ.

تَوَلَّى العُمْرُ في سَهْوٍ … وَفي لَهْوٍ وَفي خُسْرِ

فيا ضَيْعَةَ ما أنْفَقـ … ــــــتُ في الأيَّامِ مِنْ عُمْري

وَما لي في الذي ضَيَّعـ … ـــتُ مِنْ عُمْرِيَ مِنْ عُذْرِ


= و"المجتبى" (٢٢ - الصيام، ٥ - الاختلاف على معمر، ٤/ ١٢٩/ ٢١٠٥)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٣٦٠٠)، وابن عبد البرّ في "التمهيد" (١٦/ ١٥٤)، والرافعي في "التدوين" (٢/ ٢٥٢)؛ من طرق، عن أيّوب، عن أبي قلابة، [عن أبي هريرة] … رفعه. قال المنذري: "لم يسمع أبو قلابة من أبي هريرة فيما أعلم". قلت: كذلك يقال، وسماعه منه محتمل.
وله شاهد من حديث أنس عند ابن ماجه (١٦٤٤) بسند قوّاه البوصيري.
وآخر من حديث عبادة بن الصامت عند الطبراني في "الكبير" (٣/ ١٤٥ - مجمع) بسند ضعيف.
فإن سمعه أبو قلابة من أبي هريرة فهو صحيح، وإلّا فهو صحيح شواهده، وقد صحّحه الألباني.
(١) في م و ط: "ببرّ القلوب"، وأثبتّ ما في خ و ن، وكلاهما حسن.
(٢) في حاشية خ: "ألحقت العاجز بالقائم"، وما أثبتّه من متن خ و م و ط أولى وأقوى.

<<  <   >  >>